المهندس عضو مؤسس
عدد الرسائل : 8444 البلدة : في قلب حماس المهنة : مهندس إتصالات رقم العضوية : 2 نقاط : 1555 تاريخ التسجيل : 09/12/2007
| موضوع: سهره شيطانيه الجزء الخامس الثلاثاء 19 فبراير 2008, 21:49 | |
| وقف شيطان النفاق بأناقته المعهودة و ابتسامته المتودّدة و انحنى أمام الجمع انحناءة طويلة حتّى لامس جبينه ركبتيه , ثم مضى نحو المنصّة منحنياً كأن لا ظهر له , و حين مرّ أمام الشيطان الأكبر خرّ على الأرض ساجداً و هو يلهج بعبارات الحمد و الثناء و يبكي بحرقة من فرط الشوق و الحب لمعلّمه و أستاذه و حبيب قلبه و مهجة روحه .. ثم بدأ الخطاب : - أيّها الشياطين الكرام .. يا أجدع ناس .. يا أجمل من عليها .. أقسم أنّه أجمل منكم لم ترَ عيني و ( أطعم ) منكم لم تلد النساء .. و حقّ الجحيم أنّ هذا القرون التي تزيّن رؤوسكم تيجانٌ مرصّعة بالزبرجد و الياقوت , و تلك الحوافر التي تفوق في جمالها و نصاعتها سيقان نساء بني البشر , و تلك العيون الحمراء التي لو علمت بها الملائكة لاشتاقت أن تصبح شياطين و تختال في مملكة السماء .. ماهذا ..؟؟ إيه النور ده ... إيه العظمة دي كلّها ... حلوين .. طعمين .. و بنحبكم ..
تنحنح الشيطان الأكبر منبّهاً شيطان النفاق أن يبدأ الكلام المفيد و ألاّ ( يسوق ) فيها زيادة , فالجميع شياطين في النهاية و هذا الهراء لن ينطلِ عليها تماماً كما ينطلي على البشر قليلي العقل , انتبه السيّد ( نفاق ) لهذه النحنحة فالتفت إلى أستاذه و سجد ثانية و مستغفراً ذنبه , ثم بدأ خطابه : منذ بدء الخليقة .. منذ اللحظة الأولى كنتُ معه .. علّمته كيف ينحني حين يريد أن يرتفع , و أن يطأطئ حين يريد أن ينتصب ..
و رغم أن الكائن البشري من الثدييات و رغم أنّه يحمل في ظهره عموده الفقري إحدى عجائب الدنيا و أكثرها إثارة و غرابة إلاّ أنّه من وجهة نظرٍ أخرى كائن ( لافقاري ) فلا حدود لقدرته على الانحناء و الانكماش و التراقص .
و رغم أن مساحة جسده تمتدّ على مترين مربّعين إلاّ أنّه يملك إمكانيّة مذهلة لكي يتحوّل في لحظةٍ واحدة إلى كائن مجهري لا يمكن رؤيته بالعين المجرّدة .
و رغم أنّه أرفع الكائنات مقاماً و أكثرها احتراماً و تكريماً ( حسب زعمه ) إلاّ أنّه يستطيع بكلّ بساطة أن يهبط إلى مرتبة الزواحف و القوارض و الحشرات الهزيلة البشعة ..
هو الإنسان .. الكائن الوحيد الذي يملك عضواً فريداً غريباً يتحرّك في كلّ الاتجاهات فيصعد إلى الغمام و يهبط إلى الطين لكنّه يفضّل دوماً – حسب مبادئ الجاذبيّة الأرضية – أن يستسهل الهبوط و أن يكون طينيّ الانتماء .. اللسان .
اللسان .. أخطر أعضاء الجسد البشري على الإطلاق .. يظهر للعيان على أنّه عضو مفرد صغير يحتلّ مساحةً صغيرة في جوف الفم الموصد على أسرارٍ شتّى , إلاّ أنّك حين تتأمله جيّداً تكتشف على الفور أنّه طويل كلسان الحرباء متشعّب كلسان أفعى تقعي مترصّدةً فريستها أبداً ..
تسمعونه هناك .. في مجالس العزاء .. يترحّم و يحوقل و يسترجع من طرف , و من طرفٍ آخر يحسب حجم التركة و مساحة الأطيان و مواصفات زوجة المرحوم و لون بشرتها و مدى صلاحيّتها لأن تكون ( سريراً جديداً ) .. تسمعونه هناك .. على المخادع الطريّة حين ينتقي من الألفاظ أحلاها , و من العبارات أجزلها , و من القصائد أرقّها , و يريقها ممزوجةً بدمعتين لؤلؤيّتين على مسامعها , و من الطرف الآخر يشتمها لأنّها أطالت مكوثها فأضاعت عليه فرصة اصطياد فريسة أخرى جديدة .. تسمعونه هناك وراء أبواب المكاتب الموصدة حين يسكب كلماته دونما حساب و هو يتغزّل في حكمة المدير الجديد و خبرته المديدة و في قوامه الرشيق و وسامته المهيبة و أناقته الغريبة و صلعته البهيّة و أولاده الأذكياء و يلعن سنسفيل أجداد المدير القديم بكلّ غباوته و سماجته و ثقل دمه , و من طرف آخر يلعن هذا الزمان الذي جعل هذا القزم الأصلع يتربّع على كرسيّه كالإمبراطور .
ألم أقل لكم .. لسان الإنسان له شعبتان ..
اللسان .. يجعل من الذئاب حملاناً وديعة , و من الخناجر وروداً ناصعة , و من الشياطين أمثالنا ملائكةً تمشي على الأرض .
به وحده نستطيع أن نبرّر الخطيئة و نجعلها ضروريّة و مشروعة .. به نستطيع أن نقلب الحقائق و نعقلن الجنون و نجمّل القبح و نرفع الوضيع و نبدّل الأدوار .. به تنفتح أمامنا الأبواب الموصدة و مغاليق النفوس , فنغري جشعها و شهوتها , و نتملّق غرورها و ساديّتها , و نتمسّح بأنانيّتها و وحشيّتها فتصبح لنا دمى على الحبال نرقّصها كما نشاء و نحرّكها كما نهوى ..
النفاق أيها الشياطين .. النفاق .. إن أردتم شراً جميلاً أنيقاً أليفاً يفهمه البشر جيّداً و يحتفون به فيستضيفونه في بيوتهم الوثيرة و على أسرّة نومهم و بين ألعاب أطفالهم و في ثنايا مكتباتهم و يقدّمون له الولائم الفاخرة و يحتسون معه أفخر أنواع النبيذ و ينحنون له كما يليق بالسيّد النبيل .. عليكم بي .. فلن أخيّبكم أبداً ..
و في نهاية حديثي لا أستطيع إلاّ أن أسجد أمام قدمي شيطاننا الكبير بقرنيه اللذان تقطر الحكمة و المجد من ذؤابتهما و أن ألحس التراب الذي تسير عليه حوافره البديعة و ........
أسرع الشيطان الكبير إلى المنصّة بعد أن أدرك أن حفلةً جديدة من النفاق ستبدأ الآن , و بما أنّه سئم من موشحات شيطان النفاق و مواويله السابقة التي يسمعها منذ آلاف الأعوام فقد قرّر أن ينهِ هذه المهزلة بضربةٍ من كوعه أوقعت ذاك الشيطان السمج أرضاً.
ثمّ .. تعاقبت الشياطين على المنصّة تدلي بدلوها و تشرح طبيعة عملها , فأبرز شيطان الطمع الدور الكبير الذي يلعبه الجشع في مسيرة الشياطين المظفّرة , و ركّز شيطان البخل على أهميّة الشحّ في تثبيت الخطيئة و ديمومتها , أمّا شيطان الترف فقد أكّد أنه لا يوجد شرّ حقيقي دون ترفٍ يثبّته و يشرعنه ...
و قبل أن ينتهي جدول الأعمال و بمبادرة من شيطان المكر اتّفق الجميع – بعد مشاوراتٍ ساخنة – على إعطاء الكلمة لابن الإنسان ليتحدّث فهو المعنيّ في النهاية و ليس من اللائق معاملته بجفاء كأنّه ( ابن الغسّالة ) .. | |
|
كتائب شهداء الاقصى عضو ذهبي
عدد الرسائل : 3683 العمر : 30 البلدة : رام الله - فلسطين رقم العضوية : 39 نقاط : 3121 تاريخ التسجيل : 09/01/2008
| |
المهندس عضو مؤسس
عدد الرسائل : 8444 البلدة : في قلب حماس المهنة : مهندس إتصالات رقم العضوية : 2 نقاط : 1555 تاريخ التسجيل : 09/12/2007
| موضوع: رد: سهره شيطانيه الجزء الخامس الأربعاء 20 فبراير 2008, 15:16 | |
| حياك الله و مشكور على المرور | |
|
نبض فلسطين عضو مؤسس
عدد الرسائل : 1515 العمر : 39 البلدة : فلسطين رقم العضوية : 9 نقاط : 1726 تاريخ التسجيل : 11/12/2007
| |
المهندس عضو مؤسس
عدد الرسائل : 8444 البلدة : في قلب حماس المهنة : مهندس إتصالات رقم العضوية : 2 نقاط : 1555 تاريخ التسجيل : 09/12/2007
| موضوع: رد: سهره شيطانيه الجزء الخامس الأحد 24 فبراير 2008, 22:49 | |
| | |
|