زامور قلقيلية بدل مدفع رمضان في فلسطين
زامور قلقيلية.. تجميع للمقاومين، إفطار للصائمين وإرعاب للمستوطنين.
يعتبر هذا الزامور الوحيد في فلسطين وهو من التراث القديم فعندما تأتي للإفطار في شهر رمضان إلى مدينة قلقيلية فإنك تعجب عندما تسمع صوت زامور يدوّي في سماء المدينة يعلن بدء الإفطار وتتساءل ما هذا الصوت وما تاريخه، من أين يصدر وما سببه.
الحاج أبو أحمد يقول وقد رسمت التجاعيد خطوطا متعرجة على وجهه النضير كما وغطت هذه التجاعيد لحية وقورة: إن تاريخ هذا الزامور يعود إلى عهد الأربعينات واستمر إلى يومنا هذا حيث تم جلب هذا الزامور من مصر عام 1944 وكان يتم تشغيله بطريقة يدوية "المناويلا" بسبب عدم وجود الكهرباء في ذلك الوقت وتم تركيبه عند مقر البلدية القديم بجانب بئر ماء قديمة.
ويضيف أبو أحمد: كان الأطفال الصغار يتجمعون وقت الإفطار بالقرب من الزامور ويقولون (أزمر يا أبا ياسين بدنا نوكل جوعانين) وكان أبو الياسين الشخص الذي يتولى تشغيل الزامور بالطريقة اليدوية. ويوضح الحاج أبو أحمد أنه في عهد الخمسينات تم نقل الزامور الى مسجد عمر بن الخطاب ووضع على المئذنة لإشعار الناس بأوقات السحور والإفطار.
وزامور رمضان قلقيلية كان يستخدم في الأساس ذلك الوقت لإشعار أهالي المدينة وللمقاومين بوجود خطر حقيقي عند حدوث هجوم من قبل القوات اليهودية التي كانت تهاجم المدينة وترتكب بحق السكان أفظع المجازر منها مجازر ال 56 وال 64 وكان متواجد وقتها جيش الإنقاذ العربي على طول خط
الهدنة أو ما يسمى بخط التقسيم.
ويضيف أبو أحمد وبعد عام 1967 سرق الزامور من قبل الاحتلال الإسرائيلي وتم تفريغ المدينة من أهلها ما يزيد عن العشرين يوما وبعد عودة الأهالي إلى المدينة تم شراء زامور آخر يعمل بواسطة الكهرباء وتم تركيبه على مئذنة مسجد السوق (مسجد علي بن أبي طالب) وسط المدينة وأصبح صوته عاليا يدوّي حتى أن بلدة كفارسابا غرب قلقيلية وغيرها من المدن والقرى الإسرائيلية والعربية تسمعه بوضوح وخصوصا في وقت السحور بسبب السكون.
وخلال حرب الخليج منعت السلطات الإسرائيلية تشغيل الزامور خوفا من إرعاب المدن الإسرائيلية المجاورة لقلقيلية لان صوته يشبه صوت صفارات الإنذار التي كانت تنطلق للتحذير من هجوم صاروخي عراقي.
وخلال انتفاضة الأقصى الحالية وبالتحديد في الاجتياح لمدينة قلقيلية في 20/10/2001 اقترح العديد من المواطنين العودة إلى تشغيل هذا الزامور لتحذير الأهالي من اجتياح جديد لا قدر الله أو وجود للقوات الخاصة وقالوا: قبل عشرات السنين استخدم للتحذير من هجوم اليهود علينا والآن التاريخ يعيد نفسه كي نستخدمه لنفس الهدف.
وفي أيامنا هذه تم نقل الزامور لمكان أكثر ارتفاعا وذلك لأن صوت الزامور أصبح منخفضا بسبب إحاطته بالعمارات التي تحجز صوته وعاد صوته القديم مدويا وعاليا كما كان يحيط الناس والمكان بصوته الجميل ويثير صوته الذكريات والحنين وخصوصا عند إعلان انتهاء شهر رمضان حيث يستمر صوته مدوّيا عاليا ليلتها لوقت طويل معلنا وداع رمضان واستقبال عيد الفطر مما يثير الحزن على وداع رمضان والبهجة لقدوم العيد.
زامور قلقيلية.. ذلك الشجون الخاص والحنين والذكريات، وبحيث يعلم أهل قلقيلية أيضا أن هذا الزامور ليس عبادة أو ركنا من أركان رمضان إنما هو عادة قديمة للدعوة للجهاد، وذكرى مستمرة لأهل قلقيلية في رمضان، وليس أكثر.