تيهي فخراً جبل النار .. و طاولي النجوم يا قمم الجبال العنيدة .. امنحينا فيضاً
من أقباس فرسانك الراحلين ..
يا هذا الجرح تمرد .. يا شهداء فلسطين اهزءوا بهذا الموت الزاحف من خلف دروعهم ..
يا براعم الدم تفتحي ليكبر فينا أريجك الحاني .. و يا زيت القناديل زين فضاءنا بالنور و اغمر أنين الأرض بالضياء ...
افتح لهذا الجرح نافذة تطل على عواصم المحنطين بخوفهم ... و ردّد على مسامعهم آيات الشموخ .. أخبرهم بأن الموت لن يهزم الصمود و أن الظمأ لن يكسر شوكة البقاء، و أن الليل لن يخيم على ضفاف الفجر إلى الأبد ..
علمهم كيف يكون الوفاء .. و لقنهم دروس الإباء و مبادئ الرجولة التي غادرت نفوسهم منذ أمد بعيد ..
محمود أبو هنود .. يا جواد نصرنا الجميل .. يا شامة العز في جبين الأمة المأسورة بصمتها .. و يا وجه الوطن حين يخضرّ فيه الدم ويغدو سنابلاً و سحائب غيث ..
أيها المسافر رغماً عنا .. فلكاً من ضياء و طيفاً يرسم للشمس طريقاً إلى القلوب التي أتعبها البرد و غلّفها الصقيع ..
برحيلك سيدي يتسع فينا الجرح و يكبر الوجع القديم و ينتفض الوطن كلّه من جديد ...
لأجل عينيك تنحني اليوم كل الزهور و ينتحب التراب حين تغادره الروح الأبية .. و نحو قلبك يرتحل أطفال غزة الذين سبقوك بأيام و انتظروا قدومك عند مداخل السماء .. حتى إذا ما وصلت تدثروا بعبيرك و مضوا معك صوب جنة الرحمن ..
أيها المتقاطرون تباعاً إلى سويداء الخلود .. يا شهداء الوطن من شماله إلى جنوبه .. و يا رفاق محمود الذين ما خانوا العهد و لا فرطوا بالبيعة القديمة ..
دماؤكم هزت عروش القاعدين و ما حركت فيهم نخوة المعتصم أو عزة الفاروق ..
أشلاؤكم إدانة التاريخ لجيوش العرب العقيمة , و نشيدكم اليومي صفعة لكل فيالقهم الموسومة بالعار و الخواء ..
وروحكم لا زالت تطوف بالمنتظرين خلفكم في نفق الموت الطويل .. فشارون الخرافة لم يرتو بعد من دم الأطفال، و جيشه ما زال يحمل ذات الحقد الأسود و يحترف إبادة الزهور و تمزيق الأجساد بالصواريخ (الذكية) و القذائف الصماء ..
لا تنظروا لأهل الأرض يا روّاد السماء و ساكنيها .. لا تلتفتوا لهؤلاء اللاهثين، المتدافعين نحو زاوية الهوان، و لا تغفروا لكل الذين يقامرون بالدم و يتاجرون بأشلاء الصغار في المزادات الخفية ...
فهم حتماً سينتهون لأنهم لا يصلحون للبقاء و سيندثرون مع وثائقهم الزائفة و صكوكهم الجرداء ..
و أنتم ستكبرون كل يوم و سيزهر الدم براعم شوق جديدة يتوشح عطرها فرسان الانتقام و يسرجون بها وصية الشهادة ..
قادم هو الغيث يا محمود .. فموسم العطاء لم يبدأ بعد .. و فصول الياسمين سوف تأتي تباعا ..
سيغادرنا هذا الخريف ليسكن ضفافهم و سوف تفرّ العتمة من ديارنا لتكبل وجوههم إلى الأبد ..
فصبرنا بوابة للصباح .. و أطياف روحك عنوان البداية و أول الوميض ...