هناك أناس نألفهم سريعا ،
وآخرون نبذل جهدا خارقا ونحن نتكلم معهم.
الفئة الأولى هم أولئك الهينون اللينون ، الذين لا يتكلفون
، ولا يجبرون الناس على أن يعاملونهم بشكل فيه تكلف واصطناع .
والفئة الثانية هي تلك الفئة التي تأبى إلا أن تعامل الناس من برج عاجي
، وترفض أن تُنادى إلا بألقاب معظمة مفخمة .!
وتعامل الناس كأنهم دونهم في المرتبة ،
وهم في الحقيقة أدنى منهم واقل شانا .
ومن طالب الناس أن يعاملوه كنابغة ، فإنه يدفعهم إلى الاستخفاف به ،
والتعامل معه كمعتوه يحتاج إلى علاج !!!
ومن هابَ الرجالَ تهيَّبُوه ومن حقرَ الرجالَ فلن يُهابا
وذلك لأن البشر تكرةتكره المتنطع ، وتأنف المتكبر المغرور ، ورحم الله الشافعي إذ يقول
: 'من ساما بنفسه فوق ما يساوي رده الله تعالى إلى قيمته' .
وما قيمة المرء منا إلا ما حواه قلبه من تقى ، وعُرف عنه من طيب خلق .
. وكرم أصل ، ورحابة نفس .؟
إن كلمة السر أخي الكريم في هذا الباب أن تعرف قدر نفسك ،
وتعامل الناس على سجيتك بلا تكلف أو تنطع .
.. كثير ما تغتر نفوسنا بالثناء والمديح ،
وهي الأعلم بما اقترف صاحبها من إثم وخطأ،
لكن سحر المديح يخدعها فتنخدع ، وتتصور أنها قد حازت الرفعة والسمو .
والأدهى أن تعيش في الوهم ،
وتطالب الناس أن يزيدوا في خداعها ، ويكذبوا لها القول .
هنا يجب أن تُرد النفس إلى قدرها ، ويعود الرأس مطأطأ لله ،
فيحترم الكبير ويوقره ، ويعطف على الصغير ويحنو عليه ،
وإذا حاول أحد أن يغرر به حثا في وجهه التراب ، رادا الفضل كله لله .
حدث وان جاء ضيوف إلى أن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه ذات ليلة ، وكان يكتب فكاد السراج يطفأ فقال الضيف : أقوم إلى السراج فأصلحه ؟ فقال : ليس من كرم الرجل أن يستخدم ضيفه ، قال : أفأنبه الغلام ؟ فقال : هي أول نومة نامها ، فقام وملأ المصباح زيتـًا فقال الضيف : قمت أنت يا أمير المؤمنين ؟ فقال : ذهبت وأنا عمر ، ورجعت وأنا عمر ، ما نقص مني شيء ، وخير الناس من كان عند الله متواضعـًا .
وخليفة ، لا تخدعه مظاهر الملك ، ولا عبارات المحيطين به ، رجل خليق أن يكون خامس الخلفاء الراشدين .