تعتبر مدينة القدس من أقدم المدن التاريخية في العالم . حيث يزيد عمرها عن 45 قرنا.. وهي مهد الديانات السماوية الثلاث
وقد عرفت القدس بأسماء عديدة ، نذكر منها : يبوس ، القدس ، بيت المقدس ، إيلياء ، أورشالم
و يبوس هو أقدم اسم على الاطلاق أطلق على المدينة ، وهو نسبة لليبوسيين الذين ينحدرون من بطون العرب ، حيث أن العرب اليبوسيين هم أول من بنى مدينة القدس قبل 4500 عام ، وهم أول من سكنها أيضا ، وكان ذلك عام 2500 قبل الميلاد . حيث بنى اليبوسيون قلعة حصينة على الرابية الجنوبية للقدس وعرفت باسم حصن يبوس .. وحصن يبوس هذا هو أقدم بناء على الاطلاق .. وقد تم بناؤه لحماية أبناء المدينة من الغارات المعادية من قبل الفراعنة وغيرهم
وعرفت القدس باسم أورشالم نسبة إلى شالم ، وشالم هذا هو إله السلام عند الكنعانيين العرب
وظلت يبوس بيد اليبوسيين والكنعانيين حتى عام 1049 قبل الميلاد ، أي بعد أن بنوها بأكثر من ألف وأربعمائة عام ، حيث احتلها داود وأطلق عليها اسمه ( مدينة داود ) ، ثم آلت من بعده لابنه الملك سليمان
وفي عام 586 ق م دخلت القدس تحت الحكم الفارسي بعد أن احتلها نبوخذ نصر الذي قام بنقل من سكنها من اليهود إلى مدينة بابل . وقد بقيت القدس تحت الحكم الفارسي حتى احتلها الاسكندر المقدوني عام 332 ق.م
وفي عام 63 ق.م استطاع الرومان أن يحتلوا القدس ، وفي عام 135 م قام الامبراطور الروماني اندريانوس بتدمير القدس تدميرا كاملا
وأقام اندريانوس مكانها مستعمرة رومانية أسماها ايليا كابتولينا . وفي سنة 614 استولى الفرس على القدس للمرة الثانية حتى استطاع هرقل الاستيلاء عليها عام 630 وإعادتها للبيزنطيين ، وظلت كذلك حتى جاء الفتح الاسلامي
ففي سنة 15 هـ الموافق 636 م دخل الخليفة عمر بن الخطاب القدس صلحا وأعطى لأهلها الأمان من خلال العهدة العمرية ، والتي تضمنت منع أي من اليهود أن يدخل المدينة ، مدينة القدس
وظلت المدينة تعرف بايليا وبيت المقدس حتى عام 21 هـ حين زارها الخليفة المأمون وصك فيها نقودا كتب عليها القدس بدلا من ايليا
وفي سنة 1099 م احتل الصليبيون القدس وعاثوا فيها خرابا وفسادا ، وكان ممن استشهد سبعون ألفا منهم خمسة وعشرون ألفا استشهدوا داخل باحات الحرم الشريف دفاعا عنه ، فقام الصليبيون بتدنيس الحرم الشريف وحولوا المسجد الأقصى إلى كنيسة ، ولم يطل الأمر حتى جاء الناصر صلاح الدين ليرد الصليبيين عن عاصمة الاسلام في عام 1187 للميلاد ليحرر فلسطين ويطهر القدس
وظلت القدس بأيدي المسلمين حتى سقطت بيد القوات البريطانية في عام 1917 ميلادي عقب الحرب العالمية الأولى ، والذين قاموا بدورهم بإصدار وعد بلفور المشؤوم بتاريخ 2/11/1917 والذي تمنح فيه بريطانيا حق اقامة وطن قومي لليهود المتعددين القومية أصلا في فلسطين ، وكأن فلسطين ضاحية من ضواحي لندن
كما وقامت قوات الاستعمار اليهودي بتشجيع الهجرة اليهودية من بلادهم في شتى أنحاء العالم إلى فلسطين ، كما وقامت أيضا بتوفير المال والسلاح لهم ، وحين كانوا لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم كانت هي التي تحميهم
وفي عام 1948 قام اليهود باحتلال الجزء الأكبر من فلسطين إضافة إلى القدس الغربية ، وفي عام 1967 أكملوا على البقية الباقية
هذا هو تاريخ هذه المدينة المقدسة ، وما يهمنا الآن هو مستقبلها ، فإننا ما زلنا ننتظر تدوين تاريخ تحرير فلسطين والقدس والحرم القدسي من أيدي اليهود ، وسنبقى ننتظر هذا التاريخ ، ولن نمل ولن نكل أبدا ما حيينا ، وحين نقابل وجه عزيز كريم ، سيبقى أبناؤنا ينتظرون هذا التاريخ ، بل ويدونونه بدمائهم