مــنتديـات الوحـــدة الــوطــنية
السلام عليكم غزيزي الزائر اتمنى ان تسجل دخولك واذا لم يكن لديك حساب بعد نتشرف بأنضمامك الينا
مــنتديـات الوحـــدة الــوطــنية
السلام عليكم غزيزي الزائر اتمنى ان تسجل دخولك واذا لم يكن لديك حساب بعد نتشرف بأنضمامك الينا
مــنتديـات الوحـــدة الــوطــنية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مــنتديـات الوحـــدة الــوطــنية

فلسطين .. وحدة إسلاميه وطنيه
 
الرئيسيةالبوابة*أحدث الصورالتسجيلدخول
منتديات الوحدة الوطنية ترحب بكم
المواضيع الأخيرة
» من بعد غياب
اتباع ستة الحبيب/ص I_icon_minitimeالأحد 12 مارس 2023, 14:25 من طرف المهندس

» هل ذقت مرارة الظلم
اتباع ستة الحبيب/ص I_icon_minitimeالخميس 15 ديسمبر 2022, 19:01 من طرف أبوالعز

» اوصف حالك بكلمة.....واحدة فقط
اتباع ستة الحبيب/ص I_icon_minitimeالسبت 11 مارس 2017, 04:09 من طرف amal hanin

» مشتاااااااااااااااااااااااقين للجميع
اتباع ستة الحبيب/ص I_icon_minitimeالخميس 21 أغسطس 2014, 10:26 من طرف سوار

» ما لا تعرفه عن صدام حسين
اتباع ستة الحبيب/ص I_icon_minitimeالإثنين 25 نوفمبر 2013, 05:37 من طرف كتائب شهداء الاقصى

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
المهندس - 8444
اتباع ستة الحبيب/ص Vote_rcapاتباع ستة الحبيب/ص Voting_barاتباع ستة الحبيب/ص Vote_lcap 
الأقصى الحزين - 7027
اتباع ستة الحبيب/ص Vote_rcapاتباع ستة الحبيب/ص Voting_barاتباع ستة الحبيب/ص Vote_lcap 
فارس الأقصى - 5518
اتباع ستة الحبيب/ص Vote_rcapاتباع ستة الحبيب/ص Voting_barاتباع ستة الحبيب/ص Vote_lcap 
الفجر الباسم - 4852
اتباع ستة الحبيب/ص Vote_rcapاتباع ستة الحبيب/ص Voting_barاتباع ستة الحبيب/ص Vote_lcap 
كتائب شهداء الاقصى - 3683
اتباع ستة الحبيب/ص Vote_rcapاتباع ستة الحبيب/ص Voting_barاتباع ستة الحبيب/ص Vote_lcap 
amal hanin - 3501
اتباع ستة الحبيب/ص Vote_rcapاتباع ستة الحبيب/ص Voting_barاتباع ستة الحبيب/ص Vote_lcap 
قسامية عنيدة - 2968
اتباع ستة الحبيب/ص Vote_rcapاتباع ستة الحبيب/ص Voting_barاتباع ستة الحبيب/ص Vote_lcap 
أسيرة الصمت - 2957
اتباع ستة الحبيب/ص Vote_rcapاتباع ستة الحبيب/ص Voting_barاتباع ستة الحبيب/ص Vote_lcap 
سوار - 2839
اتباع ستة الحبيب/ص Vote_rcapاتباع ستة الحبيب/ص Voting_barاتباع ستة الحبيب/ص Vote_lcap 
أبوالعز - 2671
اتباع ستة الحبيب/ص Vote_rcapاتباع ستة الحبيب/ص Voting_barاتباع ستة الحبيب/ص Vote_lcap 

 

 اتباع ستة الحبيب/ص

اذهب الى الأسفل 
4 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
زائر
زائر




اتباع ستة الحبيب/ص Empty
مُساهمةموضوع: اتباع ستة الحبيب/ص   اتباع ستة الحبيب/ص I_icon_minitimeالسبت 06 مارس 2010, 01:19

بسم الله الرحمن الرحيم

إن اتباع سبيل أهل السنة والجماعة واجب بدلالة الكتاب والسنة وإجماع العلماء المعتبرين خلفاً عن سلف، وكل من يخالف ذلك عقيدة أو منهاجاً فهو آثم خارج عن الفئة المنصورة إلى يوم الدين،
قال تعالى: {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً}.

فهذه الآية الكريمة تبين بياناً واضحاً لا يحتمل أدنى تأويل وجوب اتباع سبيل المؤمنين، وقد قرن الله سبحانه بين مشاققة الرسول صلى الله عليه وسلم، وبين اتباع غير سبيل المؤمنين، فكل من يتبع غير سبيل المؤمنين يكون مشاققاً للرسول، وقد توعد الله سبحانه كل من خالف سبيل المؤمنين بجهنم وساءت مصيراً أعاذنا الله منها، والمقصود بسبيل المؤمنين الذي يجب على كل مسلم أن يتبعه، هو سبيل الصحابة رضي الله تعالى عنهم،
قال تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}.

فهذه الآية الكريمة إخبار من الله سبحانه يتضمن المدح الدال على الوجوب، فقد امتدح الله سبحانه طائفتين من الناس، الطائفة الأولى وهم المهاجرون والأنصار، وقد جاء السياق في مدحهم مطلقاً، والطائفة الثانية وهم الذين اتبعوهم بإحسان، وقد جاء المدح مقيداً بقيدين اثنين:
أولهما: الاتباع.

ثانيهما: وصف الاتباع وهو الإحسان.

وهذا دليل واضح على أن المقصود بسبيل المؤمنين هو سبيل الصحابة رضي الله تعالى عنهم.

ومما يدلنا أيضاً على وجوب اتباع سبيل الصحابة،
قوله تعالى: {فَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}.

وهذه الآية تضمنت شرطاً ترتبت عليه حقيقة، أي إن كان إيمان الناس مثل إيمان الصحابة رضي الله تعالى عنهم فقد اهتدوا، وهذا مفهوم موافقة للفظ المتضمن مفهوم مخالفة للمعنى، أي إن لم يؤمنوا بمثل ما آمنتم به، فقد ضلوا، فعلق المولى سبحانه وتعالى الهداية على متابعة الصحابة رضي الله تعالى عنهم، وقد اتفقت هذه الآية بالمعنى مع الآية السابقة: {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً}.

فانظر يرحمك الله تعالى إلى تطابق اللفظين في كلتا الآيتين؛ "يشاقق"، "الهدى"، فالآية الأولى بينت أن من يخالف إيمانه إيمان الصحابة رضي الله تعالى عنهم، فهو في شقاق، أي في منازعة للحق، وكذلك الآية الثانية تبين أن من يتبع غير سبيل المؤمنين فإنما هو في شقاق، ولا ريب أن مشاققة الحق خروج عن الهدى فتأمل ذلك.

وعلى ما سبق تعلم أخي الحبيب؛ أن اتباع سبيل المؤمنين، الذي هو اتباع الصحابة رضي الله تعالى عنهم واجب، ويعتبر كل من خالفه مخالفاً للحق مشاققاً له.

ويعزز هذا المعنى ما جاء في الحديث الصحيح عن العرباض بن سارية رضي الله تعالى عنه قال: (وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً بعد صلاة الغداة موعظة بليغة، ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقال رجل: إن هذه موعظة مودّع فماذا تعهد إلينا يا رسول الله؟ قال: أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة وإن عبد حبشي، فإنه من يعش منكم يرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة) [رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه بسند صحيح].

ويشتمل الحديث على فوائد جمة يحتاج إليها طالب الحق الباحث عنه، ونستخلص منها:

1) الربط بين سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وسنة الخلفاء الراشدين وذلك من خلال قوله: (فعليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين)، وهذا أمر دال على الوجوب، فكما أن اتباع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ واجبة، فكذلك اتباع سنة الخلفاء الراشدين، حيث عطف الرسول صلى الله عليه وسلم اتباع سنة الخلفاء الراشدين على اتباع سنته فاقتضى ذلك المشاركة في الحكم.

2) إن سنة الخلفاء الراشدين، هي سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وذلك من خلال تفريد الضمير في قوله: (عضوا عليها)، والأصل أن يقال: عضوا عليهما، حيث ذكر سنتين لا سنة واحدة، ومبنى هذا الأمر على موافقة الخلفاء الراشدين لسنة المصطفى لذا وصفوا بالراشدين المهديين، ولن يكونوا راشدين مهديين إلا باتباع الحق الذي دلهم عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

3) تعلق الضلالة بمخالفة سبيلهم وذلك من قوله: (وإياكم ومحدثات الأمور)، فقد جاء هذا اللفظ بعيد الأمر بالتمسك بسنة الخلفاء الراشدين، وعليه يكون المخالف لسنة الخلفاء الراشدين مخالفاً في حقيقة الأمر لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، مما يؤدي به ذلك إلى الوقوع في المحدثات التي هي من الضلال المبين.

4) إن وقوع الخلاف في الأمة من الأمور التي تؤدي إلى فشلها وهلاكها، وإن سبيل الخروج منها هو اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين، لذا شدد الرسول صلى الله عليه وسلم في هذه المسألة، وأمر بالتمسك بسنة الخلفاء الراشدين بكل ما يستطيعه المسلم من قوة حتى ولو كان ذلك بنواجذه.

ومفهوم الحديث بعموم، أن المجتمع المسلم سوف يشهد اختلافات كثيرة، واضطرابات فكرية بحيث يصبح المسلم غارقاً في متاهات اجتهادية يصل إلى درجة لا يعرف بها طريق الحق الذي يجب أن يكون عليه، ومن تمام ديننا الحنيف، بين ما يجب أن يكون عليه المسلم في هذه المتاهات الكثيرة، وهو اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين، فهو طريق الحق، وهو سبيل النجاة في الدنيا والآخرة، والشاهد من الحديث أن الخلفاء الراشدين لا يتصفون بهذا الوصف إلا إن كانوا متبعين لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم التي عليها الصحابة رضي الله تعالى عنهم، إذ سنة الخلفاء الراشدين لا تنفصل عن سنة الصحابة.

ومن أدلة السنة على وجوب اتباع سبيل الصحابة رضي الله تعالى عنهم:


ما جاء عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (تفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة، كلهم في النار إلا ملة واحدة، قالوا: ومن هي يا رسول الله؟ قال: ما أنا عليه وأصحابي) [أخرجه الترمذي وغيره بإسناد حسن].

وهذا الحديث موافق لما دلت عليه النصوص السابقة من الكتاب والسنة، ففيه إشارة واضحة إلى وجوب اتباع الصحابة رضي الله تعالى عنهم في العقيدة والمنهاج.

ووجه ذلك فيما يلي:

1) الإشارة إلى افتراق المسلمين إلى فرق كثيرة تكون جميعها هالكة إلا جماعة واحدة، وهي التي تكون موافقة لما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وهذا دليل واضح على أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا على الحق باعتبار من وافقهم من اتباع الفرقة الناجية.

2) جاء الحديث بصيغة الإخبار المتضمن للتحذير والمدح للدلالة على شيئين منفصلين، فأما التحذير فمن خلال قوله صلى الله عليه وسلم: (كلها في النار)، وأما المدح فمن خلال قوله: (إلا واحدة)، مما يدلنا ذلك على أن الفرقة المستثناة من الهلاك هي الفرقة الموافقة لما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، على خلافها من الفرق التي شملها الذم تضمناً.

3) قوله: (إلا واحدة)، فهذا اللفظ دال على أن أهل الحق جماعة واحدة، وليسوا جماعات متفرقة، لأن المعنى - إلا فرقة واحدة من بين هذه الفرق ليست هالكة - وقد جاء وصف هذه الفرقة أي الناجية، أنها تكون على مثل ما يكون عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه.

4) ما تضمنه الحديث من وجوب اتباع الصحابة رضي الله تعالى عنهم باعتبارهم الفرقة الناجية.

وعليه يكون اتباع الصحابة واجباً، وأما من ذهب إلى تضعيف الحديث فلا يعتد بقوله فالحديث صحيح متناً وسنداً، والأدلة القاطعة آنفة الذكر تدل على معناه.


ومن أدلة السنة على وجوب اتباع الصحابة رضي الله تعالى عنهم؛ ما جاء في الحديث المتفق على صحته عند أئمة الحديث عن معاوية بن أبي سفيان وغيره أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون على الناس).‏

ومن الفوائد التي تضمنها الحديث الشريف:

1) وجود طائفة ظاهرة على الحق، وهي باقية ما بقيت السماوات والأرض، وهي طائفة واحدة لا تتعدد، إذ دل اللفظ على طائفة واحدة لا طوائف متعددة، وهذا الحديث من حيث المعنى يتفق مع الحديث قبله في المعنى، فقوله: (إلا واحدة) يتفق مع قوله: (لا تزال طائفة)، وعليه يكون أهل الحق متوحدين متعاضدين لا متفرقين.

2) دل سياق الحديث على أن الطائفة موجودة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي باقية إلى قيام الساعة، مما يدلنا ذلك بوضوح على أن الصحابة هم طليعة هذه الطائفة، فهم على الحق الذي من خالفهم عليه يكون ممن خذلهم وأعرض عن منهجهم الحق.

3) إن أصحاب الحق امتداد للطائفة المنصورة، فلا يكونون منقطعين عنها أو مخالفين لها، بل هم اتباع لهذه الطائفة يقولون بما قالوا به، ويفعلون ما فعلوه، وهذا خلاف واقع الجماعات إذ هي قائمة على أفكار اجتهادية مرجعها إلى أفهام أشخاص قد يصيبون وقد يخطئون.

4) إن هذه الطائفة موافقة للحق قائمة عليه، فهي غير اجتهادية أو هوائية، بل هي طائفة تجعل اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم منهجها وسبيلها لعبادة الله سبحانه، ولم تقم جماعة على وجه البسيطة تعرف باتباع الرسول صلى الله عليه وسلم؛ سنة، سنة، إلا الصحابة رضي الله تعالى عنهم، ومن كان على نهجهم.


ومن الأدلة أيضاً على وجوب اتباع الصحابة رضي الله تعالى عنهم؛ ما جاء في الحديث عن سعيد بن أبي بردة عن أبيه عن النبي أنه قال: (النجوم أمنة للسماء فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد وأنا أمنة لأصحابي فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنة لأمتي، فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون) [رواه مسلم].

وهذا الحديث دليل واضح على أن الصحابة رضي الله تعالى عنهم هم الطائفة المنصورة التي يجب على المسلمين اتباعهم، فكما دل الحديث على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أمنة أصحابه، كذلك دل الحديث على أن الصحابة هم أمنة الأمة فيتفق اللفظ مع اللفظ، والحكم مع الحكم.


وكذلك ما جاء في الحديث الصحيح عن عمران بن حصين رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خير أمتي قرني، ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم)، قال عمران: (فلا أدري أذكر بعد قرنه قرنين أو ثلاثة) [متفق عليه].

والحديث صريح الدلالة بوجوب اتباع الصحابة رضي الله تعالى عنهم، إذ وصفهم بخير الناس، ولا يستحقون هذه الوصف إلا لموافقتهم للحق الذي كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم، فهم خير الناس، ولم تأت هذه الخيرية لمجرد الصحبة بل لما قاموا به من جهود جبارة لخدمة هذا الدين، وبذل النفس والنفيس في سبيله، ومن المعلوم ضرورة أن الله سبحانه لا يقبل العمل إلا بشرطين، الإخلاص والصواب، ووصفه صلى الله عليه وسلم لأصحابه بالخيرية يقتضي قبول أعمالهم الدالة على صحة وسلامة منهجهم الذي كانوا عليه.

وقد جاءت هذه الأدلة المتعددة من الكتاب والسنة صريحة الدلالة على وجوب اتباع الصحابة رضي الله عنهم، وعلى أن مخالفتهم أثم عظيم يستحق المخالفون لهم عذاب الله سبحانه في الدنيا والآخرة.

وهنالك أدلة أخرى تدل على هذا الأمر تضمناً، منها:

أولاً؛ المدح المطلق:

قال تعالى: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً}، وقوله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}، وقوله تعالى: {لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ * والَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.

وغيرها من الآيات الدالة على مدح الله المطلق لأصحاب محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، مما يدلنا ذلك على موافقة الصحابة للحق الذي يريده الله سبحانه، وإلا لما استحقوا هذا المدح.

ثانياً؛ الثناء على مواقفهم وأعمالهم:

ومن الأمثلة على ذلك قوله تعالى: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً}، وقوله سبحانه: (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً}.

ثالثاً؛ الدلالة الصريحة على فضلهم وعدم مساواة الآخرين لهم:

كما في قوله تعالى: {وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}، وقوله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ}.

وإن كانت الآية عامة فيمن اتصف بتلك الصفات إلا أن دخول الصحابة في هذه الآية من باب أولى.

ومما ذكرنا من الآيات الكريمات المشتملة على ثناء الله سبحانه على صحابة رسوله العام الشامل لإيمانهم، وأعمالهم، وأخلاقهم، لدليل على صحة معتقدهم ومنهجهم، ولولا موافقتهم للحق واتباعهم له لما استحقوا كل هذا الفضل والثناء.

وقد جاءت السنة صريحة ببيان فضل الصحابة وعدم مساواة الناس لهم بالفضل والأجر.

كما في الحديث المتفق على صحته عند أئمة الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لا تسبوا أصحابِي فوالذي نفسي بِيده لو أَن أحدكم أَنفق مثل أحد ذهبًا ما أَدرك مد أَحدهم ولا نصيفه).

فهذه الأدلة قاطعة بوجوب اتباع سبيل المؤمنين، وهو سبيل الصحابة رضي الله تعالى عنهم ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وهذا المنهج هو المنهج الذي عرف بمنهج أهل السنة والجماعة التي يجب على كل مسلم أن يكون فيه.

وهذه التسمية ليست تسمية محدثة، بل هي تسمية عرفت زمن الصحابة رضي الله تعالى عنهم، كما جاء ذلك في تفسير ابن عباس رضي الله تعالى عنه لقوله تعالى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ}، قال: (تبيض وجوه أهل السنة والجماعة، وتسود وجوه أهل الفرقة والضلالة).

وقد نقل ابن كثير رحمه الله تعالى عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال: (يعني يوم القيامة حين تبيض وجوه أهل السنة والجماعة، وتسوّد وجوه أهل البدعة والفرقة، قاله ابن عباس رضي اللّه عنهما).

وهذا الأثر عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما صحيح، وقد درج العلماء قديماً وحديثاً على تسمية أهل الحق بأهل السنة والجماعة.

وتقوم هذه التسمية على أصلين عظيمين:

أولاً: أهل السنة، وهذا من باب المضاف والمضاف إليه، فأهل السنة إذن هم اتباعها الذين لا يخرجون عنها، فلا يكون أهل الحق إلا متبعين للسنة، وعليه فكل مخالف للسنة لا يعتبر من أهل الحق، فاتباع السنة ضابط من الضوابط التي يميز بها أهل الحق عن غيرهم.

ثانياً: الجماعة، فقد جاء وصف أهل الحق بأنهم أهل جماعة إذ عطف لفظ الجماعة على لفظ أهل السنة، فكما أن أهل الحق معروفون باتباعهم للسنة، كذلك هم معروفون باجتماعهم عليها، فلا يكون أهل السنة متفرقين بل مجتمعين، وعليه فهذان وصفان ثابتان لأهل الحق، وهما اتباع السنة والاجتماع عليها، وأهل الحق متصفون بهاتين الصفتين، فإن فقدوا إحدى الصفتين خرجوا عن كونهم أهل سنة وجماعة، وهذان الأصلان قائمان على أدلة قطعية لا يخالف فيها مسلم، وإن كان كثير من المسلمين يخالفون هذين الأصلين بأقوالهم وأفعالهم إما جهلاً، وإما اتباعاً للهوى عافانا الله سبحانه.

1) الأدلة على وجوب الاتباع:

الأدلة على وجوب الاتباع كثيرة معلومة، بل هي من لوازم التوحيد، فكلمة التوحيد مشتملة على حقيقتين، الأولى تفريد الله سبحانه بالعبادة، فلا معبود بحق سواه، الثاني، تفريد الرسول صلى الله عليه وسلم بالاتباع، فلا متبوع بحق إلا الرسول صلى الله عليه وسلم.

أدلة وجوب اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم من القرآن:


قال تعالى: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ}.

وما يستفاد من هاتين الآيتين الكريمتين:

1) أن محبة الله سبحانه لا تكون إلا من خلال متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم، وذلك لتضمنها للشرط، أي إن كان حبكم لله حباً صادقاً فإنه يحملكم على اتباع النبي، وما يفهم في مقابل هذا اللفظ، أن عدم متابعتكم للرسول دليل على عدم محبتكم لله سبحانه.

2) وجوب اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم لحتمية وجوب محبة الله سبحانه، فحب الله من الإيمان الواجب الذي ينتفي الإيمان بانتفائه، قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً لِّلّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ}.

واتخاذ الأنداد من دون الله ومحبتهم مع الله شرك، فكيف إذا خلا قلب العبد من محبة الله؟ وبما أن محبة الله لا تتحقق إلا بمتابعة الرسول صلى الله عليه وسلم كان اتباعه واجباً.

3) محبة الله لمن يتبع رسوله، إذ علق الله سبحانه وتعالى محبته للعباد باتباعهم للرسول، وحب الله دليل على المدح المتضمن للوجوب، أي يجب على المسلم أن يسلك السبل التي يتوصل من خلالها إلى حب الله له، ومن أعظم هذه السبل متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم مما دلنا ذلك على الوجوب.

4) ما تضمنته الآية الكريمة من كون التولي عن طاعة الله والرسول صلى الله عليه وسلم من صفات الكفر التي لا يحبها الله سبحانه، ولا شك بأن أهل الحق لا يتصفون بصفات يبغضها الله سبحانه ويذم عليها.


دليل آخر على وجوب الاتباع؛ قال تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.

وهذه الآية الكريمة اشتملت على تحذير شديد لمن خالف أمر الرسول صلى الله عليه وسلم، بل جاءت نتائج المخالفة واضحة وهي إحدى أمرين: "أن تصيبهم فتنة"، أو "يصيبهم عذاب أليم"، وهذا التحذير المتضمن للوعيد الشديد الدال على الذم والتحريم لدليل صريح على وجوب متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم في كل ما أمر به ونهى عنه وفق ما هو مقرر عند العلماء.


دليل آخر؛ قال تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}.

وهذه الآية الكريمة دالة على وجوب متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم في كل شيء إذ "ما" اسم موصول دال على العموم، مما يفهم من ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم معصوم بكل ما يقوم به من أعمال تعبدية بدلالة إطلاق المتابعة في الأمر والنهي، وإلا لما جاء الأمر بوجوب المتابعة بعموم، وعليه يكون الأمر في هذه الآية الكريمة من صيغ الأمر واجب الاتباع.

أدلة من السنة الصحيحة على وجوب الاتباع:


عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى، قالوا: يا رسول الله ومن يأبى؟ قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى) [رواه البخاري].

فهذا الحديث صريح الدلالة على وجوب متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم في ما أمر به، ونهى عنه، إذ علق دخول الجنة على متابعته، فكل من اتبعه فهو من أهل النجاة، وعليه كل من خالفه فهو من أهل الهلاك، ولا أدل من هذا السياق على فرضية اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم.


حديث آخر؛ أخرج الإمامان البخاري ومسلم في صحيحيهما أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن أطاع أميري فقد أطاعني، ومن عصى أميري فقد عصاني).

وهذا الحديث الصحيح يربط ما بين طاعة الله سبحانه، وطاعة رسوله، ثم يرجع الطاعتين إلى طاعة واحدة، وهي طاعة الله سبحانه وتعالى، ولا خلاف في وجوب طاعة الله سبحانه.

وإن كانت هذه الأدلة بظاهرها تدل على وجب اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم، فهنالك أدلة آخرى تدل على حرمة مخالفته ومغايرة سبيله.


منها ما جاء في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي أنه قال: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد).

والإحداث في الدين؛ هو كل عبادة يتقرب بها إلى الله سبحانه عن غير طريق الرسول صلى الله عليه وسلم، إما أصلاً أو كيفاً.


وكذلك ما جاء في صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه أن النبي كان يقول في خطبة يوم الجمعة: (أما بعد؛ فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة).

والتحذير من المحدثات ما هو إلا إلزام باتباع الرسول صلى الله عليه وسلم بكل ما جاءنا به، وهذا ما كان ظاهراً في الصحابة رضي الله تعالى عنهم، والأمر في ذلك أوضح من أن يستدل عليه، وما ينبغي التنبيه إليه هو أن الصحابة رضي الله تعالى عنهم كانت متابعتهم للرسول أبرز أعمالهم التي أثنى الله عليهم لأجلها، إذ قال سبحانه: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً}.

فالصحابة رضي الله تعالى عنهم عرفوا باتباعهم الحقيقي للرسول فقد أخذوا أحكام الدين عنه دون أن يزيدوا أو ينقصوا فيه، وهذا سبب فلاحهم ورضى الله سبحانه عنهم، والشاهد في الآية الكريمة قوله تعالى: {وما بدلوا تبديلاً}، فالصحابة رضي الله عنهم لم يبدلوا ولم يحرفوا إنما أخذوا الدين وفق ما جاءهم به النبي.

وقد جاء في الحديث الصحيح؛ أن الإحداث في الدين من أبرز ما يرتب على المسلم حرمان الثواب والنجاة يوم القيامة قال: (إني فرطكم على الحوض انتظر من يرد إليّ، فوالله ليقتطعن دوني رجال، فلأ قولن: أي رب مني ومن أمتي فيقول إنك لا تدري ما عملوا بعدك، مازالوا يرجعون على أعقابهم) [أخرجه مسلم].

ووجوب الاتباع، وحرمة الابتداع؛ قاعدة عامة من قواعد ديننا الحنيف، بل إن العمل لا يقبل من أي عامل إلا من خلال الصحة والإخلاص، لقوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً}، وأهل السنة هم أهل اتباع، لذا سموا بأهل السنة، أي بسبب اتباعهم للسنة وعدم مخالفتهم لها، سموا بذلك، أي بأهل السنة، فلا يكون أهل الحق إلا متبعين للسنة الصحيحة.

2) الأدلة على وجوب الاجتماع:

سبق الذكر بأن أهل السنة والجماعة يتصفون بصفتين أساسيتين لا تنفصل إحدهما عن الأخرى وهما؛

الأولى: الاتباع - ومضى القول فيه –

الثانية: الاجتماع، وهي صفة لازمة لأهل الحق، فأهل الحق من صفاتهم اللازمة اجتماعهم على الحق، وعدم تفرقهم في الدين.

وقد جاءت الأدلة القاطعة على ذلك:

الأدلة من القرآن:


منها قوله تعالى: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}، وقوله تعالى: {وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}،
وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ}.

فهذه الآيات دليل واضح على وجوب الاجتماع وحرمة الافتراق، وهذا ما تجسد في الصحابة رضي الله تعالى عنهم في عهد النبي ونزل القرآن مثبتاً له، واصفاً المؤمنين بأعلى درجات الاجتماع والألفة، من ذلك قوله تعالى: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً}،
وقوله سبحانه: {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}.

فالله سبحانه يصف المؤمنين بأنهم متحابون متلاحمون متعاضدون، وهذا ما يجب أن يكون عليه المؤمنون.

كما جاء في الحديث عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم مثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) [متفق عليه].

وكل هذه المعاني تدل على اجتماع المسلمين وعدم تفرقهم على خلاف واقعهم في هذا الزمان، وهذا خلاف الحق الذي يجب أن يكون المسلمون عليه، فالمسلمون مطلوب منهم أن يجتمعوا على الحق، واجتماعهم على الحق دليل واضح على موافقتهم له، على خلاف تفرقهم فهو دليل بعدهم عن المنهج الحق الذي عليه أهل الحق، أهل السنة والجماعة،
قال تعالى: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}.

وهذا خطاب عام من الله سبحانه لعباده المؤمنين، يأمرهم من خلاله بالتعاون على البر والتقوى، وينهاهم عن التعاون على الإثم والعدوان، وهو أمر يدل على الوجوب لترتب الطلب والتحذير، وهذا مسألة لا يختلف فيها المسلمون نظرياً، بل الخلاف فيها عملياً، أي من حيث الحكم فكل المسلمين متفقون على وجوب التعاون، أما من حيث التطبيق - فالله المستعان -

الأدلة من السنة:

ومن أدلة السنة على وجوب الاجتماع؛


قوله: (عليكم بالجماعة، وإيَّاكم والفرقة) [رواه أحمد الترمذي، وقال: حديث حسن غريب].


وورد في حديث أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي أنه قال: (فعليك بالجماعة، فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية) [رواه أبو داود والنسائي والحاكم، وقال: هذا حديث صدوق رواته].


وفي حديث حذيفة بن اليمان الشهير في الصحيحين، ومطلعه: (كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني)، إلى قوله: (تلزم جماعة المسلمين وإمامهم).

وهذه الأحاديث مبينة لوجوب اجتماع المسلمين، وهي مسألة أصلية يقوم عليها ديننا الحنيف، لذا شدد الإسلام على كل ما يحول دون الاجتماع كالتفرق والاختلاف،
قال تعالى: {وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}.


ومن أدلة السنة على حرمة التفرق والاختلاف؛ ما رواه أبو داود وابن ماجه عن معاوية رضي الله عنه عن النبي أنه قال: (ألا إن من قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على ثنتين وسبعين ملة، وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين، ثنتان وسبعون في النار، وواحدة في الجنة، وهي الجماعة).


وكذلك ما رواه البخاري ومسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي أنه قال: (لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة).

ومن منطلق الحفاظ على وحدة الأمة؛ أوجب الله سبحانه تنصيب إمام واحد للمسلمين في شتى بقاع الأرض، وشدد على الخروج عليه.

فقد جاء في الحديث الذي رواه الشيخان البخاري ومسلم رحمهما الله تعالى، عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي أنه قال: (من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر، فإنَّه ليس أحد يفارق الجماعة شبراً فيموت، إلا مات مِيتةً جاهلية).

وما رواه مسلم أيضاً عن أبي سعيد الخُدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما).

وروى مسلم عن عرفجة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم، أو يفرق جماعتكم فاقتلوه).

وروى مسلم أيضاً عن أبي حازم قال: قاعدت أبا هريرة خمس سنين فسمعته يحدث عن النبي، قال: (كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلما هلك نبي خلفه نبي، وإنه لا نبي بعدي، وستكون خلفاء فتكثر، قالوا فما تأمرنا قال: فوا ببيعة الأول فالأول، وأعطوهم حقهم، فإن الله سائلهم عما استرعاهم).

ما يستفاد من عموم الأدلة:

1) أن المسلمين أمة واحدة، متآلفة متراحمة.

2) أن وحدة الأمة واجبة، ويكون ذلك ضمن جماعة واحدة تحت راية واحدة، بإمرة أمير واحد.

3) أن كل ما يحول دون تحقق هذا الأمر يعتبر حراماً ومنه التفرق والاختلاف ومفارقة الجماعة.

4) أن كل من فارق الجماعة يعتبر آثماً يجازى على فعله أسوء الجزاء.

ويستدل بعموم الأدلة؛ على أن أهل الحق مجتمعين غير متفرقين.

وبهذا أخي /أختي ؛ تعلم أن مصطلح أهل السنة والجماعة ليس مصطلحاً محدثاً، بل هو مصطلح موجود معروف منذ زمن الصحابة رضي الله تعالى عنهم، وأنه دال على أصلين يعرف بهما أهل الحق من غيرهم، وهما الاتباع والاجتماع، وكل جماعة خرجت عن ذلك لا تعتبر من أهل السنة والجماعة التي يجب على كل مسلم أن يكون فيها.

حقيقتان تقومان على هذين الأصلين:

لقد عرفنا فيما سبق أن أهل السنة والجماعة، أهل اتباع واجتماع، وأن هاتين الصفتين من أبرز ما يتميز بهما أهل الحق عن غيرهم، إلا أن في الأمة التباسات كثيرة تحول دون الوصول إلى الجماعة الحق نظراً لكثرة وقوع الخلاف فيها، فما من فرقة إلا وتدعي أنها على الحق المبين، وأنها الجماعة التي يجب على المسلمين أن يكونوا فيها أو يعملوا معها، وأن من خالفها يعتبر آثما مخالفاً للحق المبين، وما من فرقة من هذه الفرق إلا وتأتي بأدلة كثيرة على صحة مذهبها وبطلان من يخالفها، مما أوقع كثيراً من الباحثين عن الحق في حيص بيص وأصبح الحليم فيهم حيراناً، مما يتعين علينا بيان ذلك بياناً لا نبقي معه أدنى ريب لمن يريد الحق، ولا يزيد الظالمين إلا خسارة.

وهذا البيان قائم على الأصلين الذين يميزان سبيل أهل السنة عن غيره:

1) الاتباع:

والمقصود بالاتباع؛ اتباع سبيل المؤمنين، وهم الصحابة والتابعون لهم بإحسان، ولا يكون ذلك إلا من خلال ما أجمعوا عليه، لا فيما اختلفوا فيه، فالمقصود بالمتابعة متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم فيما كان دليله دليلاً صريحاً، أما ما كان دليله محتملاً غير مخالف لأصول الشريعة، فهو واقع في دائرة الاجتهاد التي لا يعاب الناس عليه، وعليه يجب على المسلم أن يكون متبعاً لما قام إجماع الأمة عليه.

فإن خالف إجماع الأمة فهو أحد الضالين الذين يعملون على إخراج الأمة عن سبيلها القويم، وذلك لقوله تعالى: {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً}.

وقد مضى القول؛ بأن المقصود بسبيل المؤمنين، هو سبيل الصحابة رضي الله عنهم، وهذا ما دلت عليه الأدلة القاطعة، فكل من خالف سبيل الصحابة يعتبر مبتدعاً كالفرق الهالكة التي أصل هلاكها نابع من مخالفتها لسبيل الصحابة رضي الله تعالى عنهم في العقيدة أو المنهاج، فكل فكر لم يعرف في زمن الصحابة، فهو فكر أجنبي عن المسلمين إلا أن يكون عليه دليل من الكتاب والسنة، ومن الأفكار الدخيلة على الإسلام ما روج إليه أهل الكلام واعتبروه من عقائدهم، كالقول بخلق القرآن، ونفي صفات الله سبحانه أو تشبيهها، والقول بعدم الإيمان بخبر الواحد، وبوحدة الوجود، وغيرها من الأفكار الكثيرة التي لم تعرف في زمن الصحابة رضي الله تعالى عنهم، فإن عدم طرق الصحابة لهذه المواضيع وعدم خوضهم فيها وهم أصحاب الاتباع الحق، لدليل واضح على خروج أصحاب هذه الأقوال عن الاتباع الذي هو دليل على صحة المعتقد والمنهج.

2) الاجتماع:

الاجتماع هو الأصل الثاني التي يستدل من خلاله على معرفة أهل الحق من غيرهم، فكل قول أو عمل يؤدي إلى تفرق الأمة يعتبر محرماً شرعاً لحيلولته دون اجتماع الأمة الواجب، وهذا ما يقع فيه كثير من المسلمين، فإننا نرى حتى أصحاب الدعوة إلى وحدة المسلمين متفرقين متعادين، وهذا من التناقضات الظاهرة، إذ كيف يدعو إلى وحدة المسلمين من هو أحد أسباب تفرقهم؟

ومرجع هذا التناقض إلى الخروج عن المنهج الحق، فإن هؤلاء المفرقين للأمة الداعين إلى وحدتها، إنما فرقوا الأمة بسبب دعوتهم للناس من أجل أن يتبنوا ما تبنوه هم من خلال الاجتهادات الخاصة، وإلا فمن ضرورات توحيد الأمة أن يكون الداعون إلى ذلك قائمين على أسس مجمّعة غير مفرقة، وهذا لا يكون إلا من خلال دعوة الناس إلى التمسك بالأصول التي لا يختلف فيها، والإعراض عن كل ما هو اجتهادي، لأن الأمة لن تجتمع على مذهب زيد وعمر، ولكنها تجتمع على الأصول المتفق عليها وهي ما تكون أدلتها أدلة مقطوع بها، ولا يتحقق ذلك إلا باتباع الأصول دون الفروع، وبهذا جاءت الأدلة من الكتاب والسنة، قال تعالى: {هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ}.

يتبين من خلال هذا النص القرآني؛ أن آيات القرآن الكريم تنقسم إلى قسمين:

القسم الأول: الآيات المحكمة.

القسم الثاني: الآيات المتشابهة.

فكلا الآيات المحكمة والمتشابهة من القرآن الكريم، وكلا المتبعين لهما متبعون لآيات القرآن الكريم، إلا أن المتبع للمتشابه من القرآن مائل عن الحق متبع للهوى، على خلاف المتبع للمحكم، فهو متبع للحق موافق له، والفرق بين القسمين من الآيات، أن القسم الأول وهو المحكم، لا يختلف الناس فيه، وعليه لا يتفرقون، على خلاف القسم الثاني، فإنه يكون سبباً لتفرق الأمة.

ويتفق مع هذا النص ما جاء في الحديث الصحيح عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام - كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه - ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب) [متفق عليه].

والحديث بمدلوله العام؛ يدل على أن الواجب على المسلم اتباع الحلال البين، وهو الواضح الذي لا شبهة فيه، وهو الذي لا يختلف على حله المسلمون، وكذلك الواجب عليه اجتناب الحرام البين، وهو الذي لا يختلف على تحريمه المسلمون، وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم؛ أن بين الحلال البين، والحرام البين، أمور مشتبه بها، أي ليست حلالاً بيناً، أو حراماً بيناً، فهي إذن تحتمل الوجهين، وهذا القسم الذي يجب على المسلمين أن يتقوه، وبناء على هذا الأصل فإن المسلمين لا يختلفون، وبهذا يجتمعون.

أما إذا وقعوا في المتشابهات، ومنها ما وقع الخلاف فيه بين المسلمين، فإنهم يقعون في الحرام البين الذي جاء النص دالاً عليه.

ولا يقال في هذا الموضع: إنه لا يجوز العمل بما اختلف فيه أهل العلم من أحكام شرعية مبناها الاجتهاد، فهنالك من الناس من يعلم حقيقة المسائل التي بين الحلال البين، والحرام البين، كما بين ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: (لا يعلمها كثير من الناس)، فقوله: (لا يعلمها كثير من الناس)، دليل واضح على أن بعض الناس يعلمون ما تشابه منه إن كان متعلقه بالأحكام الشرعية التي يتوصل إليها من خلال التتبع والاستقراء.

وقد اختلف أهل العلم في مسألة تقليد عالم فيما توصل إليه من خلال اجتهاده، ولكن ما اتفق عليه أهل العلم المعتبرون خلفاً عن سلف؛ هو حرمة اتباع عالم بعينه يقوم على شخصه الولاء والبراء، أو الاعتقاد أنه على الحق المبين دون غيره من العلماء.

وهذا عين ما نراه في مجتمعنا اليوم، فكثير من المسلمين يعتقدون أن الحلال والحرام راجع إلى أقوال علمائهم، فما قال علماؤهم قالوا به، وما توقفوا عنه، توقفوا عنه، إلا فيما يتعلق بمسائل لا تعارض ما هم عليه، وهذا هو ما حرمه الإسلام وعاب عليه، إذ جعل أولئك مصادر تشريعاتهم أقوال علمائهم التي بنوها على غلبة الظن، وفي كثير من الأحيان تكون مخالفة لما أجمع عليه أهل السنة والجماعة - كما تقرر ذلك آنفاً - قال تعالى: {اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَهاً وَاحِداً لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ}.

وقد جاء في تفسير هذه الآية؛ ما جاء عن عدي بن حاتم رضي الله عنه الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم له: (ألم يحلوا لكم الحرام فأطعتموهم؟)، قال عدي رضي الله عنه: بلى، قال: (وحرموا عليكم الحلال فأطعتموهم؟)، قال: بلى، قال صلى الله عليه وسلم: (فتلك عبادتكم إياهم) [رواه ابن ماجة والترمذي وحسنه].

وهكذا المسلمون إذا جعلوا مرجع تحليلهم وتحريمهم إلى أقوال علمائهم، وأقاموا الولاء والبراء فيهم، وقعوا فيما وقع فيه بنو إسرائيل، فسلكوا بذلك سبيل المغضوب عليهم والضالين، ولن يكون في حال من الأحوال؛ أهل الحق مشابهين لأهل الباطل في أي عمل قام الدليل على النهي عنه وورد الذم عليه.

ومن خلال هذين الأصلين؛ الاتباع، والمقصود به اتباع سبيل المؤمنين - الصحابة ومن تبعهم بإحسان - فيما أجمعوا عليه، والاجتماع، وهو اجتماع أهل الحق على إقامة هذا الدين نميز بين أهل الاتباع، وأهل الابتداع، وهذا ملخص ما دل عليه مصطلح "أهل السنة والجماعة"، فأهل السنة هم أهل الاتباع القائم على الإجماع، المجتمعون عليه.

فوائد لا بد من ذكرها:

أولاً: إن حكم اجتماع المسلمين يكون على المسائل التي دل عليها النص الصريح، أو التي قام الإجماع عليها، أما ما كان ظنياً؛ فيجوز الاختلاف فيه شريطة أن لا يقوم الولاء والبراء فيه، أو يؤدي إلى تفريق الأمة.

وقد دلت على ذلك النصوص الشرعية لما جاء في الحديث عن النَّزال بن سبرة قال سمعت عبد الله بن مسعود قال: سمعت رجلا قرأ آية سمعت من النبي خلافها فأخذت بيده، فأتيت به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (كلاكما محسن فاقرآ)، قال شعبة - أحد رواة الحديث - أكبر علمي أن النبي قال: (فإن من كان قبلكم اختلفوا فأُهلكوا) [رواه البخاري].

وكذلك حديث ‏عن ‏ ‏ابن عمر ‏ ‏رضي الله عنهما ‏ ‏قال: ‏ قال النبي ‏ ‏ ‏ ‏يوم الأحزاب: (‏لا يصلين أحد العصر إلا في ‏ ‏بني قريظة)، ‏ ‏فأدرك بعضهم العصر في الطريق، فقال بعضهم: لا نصلي حتى نأتيها، وقال بعضهم: بل نصلي لم يرد منا ذلك، فذُكر ذلك للنبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فلم ‏ ‏يعنف ‏ ‏واحدا منهم [رواه البخاري].

وعليه لا يكون قولنا متعلقاً بالمسائل الاجتهادية المحتملة القائمة على النصوص الشرعية، شريطة أن لا تكون مخالفة نصاً صريحاً، أو إجماعاً معتبراً، ولا يكون الولاء والبراء قائماً عليها - كما ذكر - فهذه أمور تحول دون اجتماع الأمة.

وقد تجلى الاجتماع في أعلى صوره في واقع الصحابة رضي الله تعالى عنهم، رغم اختلافاتهم المتعددة في كثير من المسائل الفقهية وغيرها، ومع ذلك لم يؤد هذا الاختلاف إلى التفرق والتباغض بينهم، بل كانوا إخواناً بكل ما تحمل الكلمة من معنى، قال تعالى: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً}.

ثانياً: إن الله سبحانه حرم على المسلمين، التفرق والاختلاف، وكل ما يؤدي إلى التفرق والاختلاف فهو محرم.

من ذلك التحزب؛ فهو من أبرز ما يفرق بين الأمة الواحدة.

وقد جاء الأمر باعتزال الفرق كلها، كما في حديث حذيفة بن اليمان رضي الله تعالى عنه قال: (كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركنى، فقلت: يا رسول الله إنا كنا فى جاهلية وشر وجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم، قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: نعم وفيه دخن، قلت: وما دخنه؟ قال: قوم يهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر، قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: نعم دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها، قلت: يا رسول الله صفهم لنا؟ قال: هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا، قلت: فما تأمرنى إن أدركنى ذلك؟ قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم، قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك) [رواه البخاري].

فهذا الحديث يدل بوضوح على وجوب التمسك بجماعة المسلمين وإمامهم، واعتزال الفرق كلها في الحالة التي يكون المسلمون فيها من غير إمام أو جماعة.

ولكن الحديث لا يدل على اعتزال أهل الحق، بل يدل على اعتزال الفرق المخالفة لأهل الحق.

ويدلنا على ذلك أمران:

أ) أن سياق الحديث يفصل بين الجماعة والإمام، فقول حذيفة: (فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام)، يتبين منه أن الجماعة قد تكون من غير إمام، أو الإمام من غير جماعة، وإن كان الثاني بعيداً لقيام الأدلة على خلافه، إلا أنه قد تنفصل الجماعة عن الإمام حتى في وجود
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
بلبل
عضو نشيط
بلبل


انثى عدد الرسائل : 148
العمر : 32
البلدة : قلقيلية .
المهنة : طالبة
نقاط : 355
تاريخ التسجيل : 05/02/2010

اتباع ستة الحبيب/ص Empty
مُساهمةموضوع: رد: اتباع ستة الحبيب/ص   اتباع ستة الحبيب/ص I_icon_minitimeالسبت 06 مارس 2010, 21:54

جزاك الله كل الخير اخي ووفقك الله
1043 لان السنة كنز عظيم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
كتائب شهداء الاقصى
عضو ذهبي
كتائب شهداء الاقصى


ذكر عدد الرسائل : 3683
العمر : 30
البلدة : رام الله - فلسطين
رقم العضوية : 39
نقاط : 3121
تاريخ التسجيل : 09/01/2008

اتباع ستة الحبيب/ص Empty
مُساهمةموضوع: رد: اتباع ستة الحبيب/ص   اتباع ستة الحبيب/ص I_icon_minitimeالسبت 06 مارس 2010, 21:59

0043 شكرا لك اخي وجزاك الله الف خير
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زهرتشرين
مشرفة منتديات حواء
زهرتشرين


انثى عدد الرسائل : 782
العمر : 37
البلدة : عدن
المهنة : طالبة جامعية
رقم العضوية : 349
نقاط : 1498
تاريخ التسجيل : 04/08/2009

اتباع ستة الحبيب/ص Empty
مُساهمةموضوع: رد: اتباع ستة الحبيب/ص   اتباع ستة الحبيب/ص I_icon_minitimeالسبت 06 مارس 2010, 22:11

في ابتاع سنة الحبيب المصطفى صلاح حال الامة
سلمت يمناك
وجزاك الله خيرا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الفجر الباسم
نائب المدير
الفجر الباسم


انثى عدد الرسائل : 4852
العمر : 35
البلدة : غزة
رقم العضوية : 127
نقاط : 5973
تاريخ التسجيل : 22/08/2008

اتباع ستة الحبيب/ص Empty
مُساهمةموضوع: رد: اتباع ستة الحبيب/ص   اتباع ستة الحبيب/ص I_icon_minitimeالسبت 06 مارس 2010, 22:14

الله يبارك فيك اخي الكريم
ونسال الله ان نكون من مقيمي سنن الحبيب حتى لا نحرم صحبته يوم الوعيد
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زائر
زائر




اتباع ستة الحبيب/ص Empty
مُساهمةموضوع: رد: اتباع ستة الحبيب/ص   اتباع ستة الحبيب/ص I_icon_minitimeالأحد 07 مارس 2010, 18:24

بسم الله الرحمن الرحيم

أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يديم علينا نعمة الدين والصحة

وأن نعبده حق عباده

وأتمنى أيضا للأعضاء والعضوات الأكارم دوام التوفيق


وأن يصون هذا الموقع من كل سوء
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
اتباع ستة الحبيب/ص
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مــنتديـات الوحـــدة الــوطــنية :: المنتديات الاسلامية :: منتدى نصرة الرسول علية الصلاة والسلام-
انتقل الى: