كان يوم الجمعة (17 نيسان) هو يوم الأسير، وكالعادة أحيا الفلسطينيون المناسبة، حيث تحدث البعض عن المقاومة وصفقات التبادل، بينما كان لسان حال آخرين يذكّر بالحوافز التي يمنحها الطرف الإسرائيلي لمن ينفذون بنود خريطة الطريق، وعلى رأسها «نبذ العنف والإرهاب».تقول آخر الإحصاءات إن سلطات الاحتلال تختطف في سجونها أكثر من (11600) أسير فلسطيني وعربي. ليس ثمة قضية تتعب الوعي الفلسطيني في الداخل أكثر من قضية الأسرى، فهنا ثمة تسعة آلاف أسير من بين حوالي 2.5 مليون فلسطيني في الضفة الغربية (تراجع عدد الأسرى من قطاع غزة بسبب انسحاب الجيش الصهيوني بعد أوسلو)، ما يعني أننا إزاء قضية تعشش في كل بيت، بل إن بيوتا كثيرة لها في الأسر عدد من الرجال والنساء، كما هو حال أسرة الشيخ سعيد بلال رحمه الله ولها أربعة أسرى من بينهم اثنان محكومان بعشرات المؤبدات، وعدد كبير من الحالات المشابهة. ما ينبغي أن يشار إليه هنا هو أن معظم الأسرى قد اعتقلوا خلال انتفاضة الأقصى التي انطلقت نهاية أيلول من العام 2000، لاسيما إثر عملية السور الواقي بعد ربيع العام 2002، بينما كان الآلاف قد خرجوا خلال السنوات الخمس الماضية بعد أن أنهوا أحكامهم، ومنهم من أعيد اعتقاله إداريا (بدون تهمة) أو بحكم جديد، لاسيما عناصر حماس. كل ذلك يؤكد أن اعتقالهم قد تم على خلفية مشاركتهم في المقاومة المسلحة ضد الاحتلال. ليس ثمة من شيء يتعب الأسرى أكثر من الانقلاب على المسار الذي كلفهم وجودهم في السجون والمعتقلات، والأسوأ بالطبع أن يجري تسفيه ذلك المسار ووصفه بالعبث الذي لا طائل من ورائه (لا تسأل عما يعنيه ذلك للشهداء وعائلاتهم حين يشير البعض إلى أنهم قضوا أيضا في مسار عبثي). عندما ينتقد مسؤول فلسطيني تشدد حماس في مطالبها للإفراج عن الجندي الصهيوني، ويقول إنه كلف الفلسطينيين آلاف الشهداء، فهذا يعني أنه لا مجال أمام الأسرى غير الخروج في سياق صفقة سياسية يجري التفريط من خلالها بالقضية التي قاتلوا من أجلها، وتلك مصيبة أخرى تصيبهم بالمزيد من القهر. (بالمناسبة: هل كان الاحتلال يرشق الفلسطينيين بالورود قبل اختطاف شاليط؟!).
هل يستحق الإفراج عن بضع مئات من الأسرى الذين شارفت أحكامهم على الانتهاء الاحتفال بينما يخرجون بمنحة من عدوهم في سياق حوافز للمضي في برنامج ينقلب على المسار الذي أوصلهم إلى السجون، لاسيما حين يعتقل أضعافهم من أولئك المصرّين على برنامج المقاومة؟ سؤال متعب لا يحب الكثيرون طرحه، لكن الأسرى الأبطال يطرحونه من دون مواربة في حواراتهم اليومية. لو تواصلت المقاومة وأصرت على برنامج إنهاء الاحتلال لبقي الأسرى في عنفوانهم يستقبلون ويودعون إخوانهم، فيما شعبهم يواصل حمل قضيتهم، بل يعمل المستحيل من أجل الإفراج عنهم بقوة المقاومة، لا من خلال حوافز تشجع على نبذها واعتبارها لونا من الإرهاب. سلام عليكم أيها الأحبة في كل يوم وساعة، «والله معكم».
محبكم ... الفارس الملثم