سيرة الشهيد إياد فرج شلدان

الشهيد إياد شلدان



ظل يردد الشهادة حتى لفظ أنفاسه الأخيرة برفقة إخوانه الشهداء

غزة - خاص

كان من بين شهداء كتائب الشهيد عز الدين القسام الذين قضوا نحبهم غدراً في عملية الاغتيال البشعة بتفخيخ الطائرة التي كانت الكتائب تعمل على تجهيزها من أجل ضرب العمق الصهيوني .



رغم أنه لم يمض على إصابته خلال مشاركته في التصدي للاجتياح الصهيوني لحي الزيتون سوى عشرين يوماً ، إلا أنه ظل على رأس عمله في صفوف المجاهدين ، فكان اليد اليمنى لهم ، وبيتهم المأوى والملاذ الآمن ، إنه الشهيد المجاهد إياد فرج شلدان .



استقبلنا والده " أبو أيمن " بحفاوة بالغة وابتسامته المعهودة، والفخر والاعتزاز يملأ وجهه وقال " كان إياد عندما يرى جنازة أي شهيد يتمنى أن يكون مكانه " و أضاف " ولد الشهيد في مدينة غزة بتاريخ 22-12-1976 و تربى في أحضان أسرة متدينة محافظة ، و ترعرع الشهيد بين ربوع حي الزيتون المجاهد الذي خرج منه العديد من قادة و جنود المقاومة الفلسطينية فنشأ إياد نشأة الرجال ، و مما ساعده على ذلك أن الشهيد القائد أسطورة الجهاد والمقاومة عماد عقل عاش في منزلهم فترة من الزمن ، إضافةً للشهيد القائد جنرال العبوات الموجهة عوض سلمي وغيرهم من المجاهدين ممن قضوا نحبهم ومن ينتظر ، التحق الشهيد إياد بالمدرسة و كان متفوقاً في دراسته حتى حصل على شهادة الثانوية العامة ليتفرغ بعدها للعمل في الأرض وتزوج بعد سنوات من عمله و رزقه الله بطفلتين من زوجته . كما أن الشهيد عمل في مجال البناء .



و تابع أبو أيمن قائلا: ' هو الابن الثاني لي و قد كان على خلق عالٍ ، رقيق في تعامله مع إخوانه و جيرانه ".

تعرض الشهيد إياد استشهاده بثلاثة أسابيع لإصابة متفرقة في جميع أنحاء جسده من شظايا قذيفة أطلقتها دبابة صهيونية خلال اجتياحها لحي الزيتون عندما كان يشارك إخوانه المجاهدين في مقارعة المحتلين حيث تلقى العلاج و خرج يواصل جهاده مع إخوانه من كتائب القسام.



و قد عمل الشهيد إياد شلدان ضمن مجموعة قسامية عرفت طريقها و خطت بدمائها طريق تحرير فلسطين فواصلت الليل بالنهار من أجل إعداد العدة لمقارعة أعداء الأمة . فقد خرج من بينها صانعو صواريخ القسام و مهندسو سلاح البتار المضاد للدروع الذي يعد أحدث ما توصل إليه مهندسو كتائب القسام و قد أثبت فعاليته في تدمير دبابات العدو الصهيوني حيث استطاعت كتائب القسام تدمير أكثر من ست دبابات أثناء اجتياحها لحي الزيتون إلي جانب تدميرها بالسلاح ذاته لأكثر من خمس دبابات أخرى في منطقة جباليا التي تعرضت للاجتياح من قبل قوات الاحتلال الصهيوني.



و من جانبها قالت " أم أيمن " والدة الشهيد بلهجة الصابرة المحتسبة الراضية بقضاء الله تعالى كيف لا وهي كانت الأم الحنون للمجاهدين والمطاردين كان الشهيد إياد ذو أخلاق حميدة و كل الشباب يحبونه فكان باراً بي و بوالده مشيرة إلي أن الشهيد شعر بدنو أجله في آخر أيامه فتضيف لقد أوصى زوجته في حالة استشهاده أن تطلق اسمه ( إياد ) على طفله الجديد و قد حرص الشهيد على قراءة القرآن و صيام النوافل مؤكدة أن الشهيد لم يترك القرآن من يده.



يشار إلي أن الشهيد تعرض للاعتقال عند أجهزة أمن السلطة الفلسطينية مرتين خضع خلالها للتعذيب و التحقيق .

و يضيف والد الشهيد ليلة استشهاده مكث بجوار أحد المرضى في المستشفى و ظل ساهرا على راحته طوال الليل و المصحف بيده ، و عندما لفظ الشهيد إياد آخر أنفاسه نطق الشهادتين مردداً يا الله يا الله .



الاستشهاد


عصر يوم الأحد 16/2/2003 تسلّم الشهيد القائد نضال فرحات الجزء الثاني من طائرة صغيرة ضمن استعدادات الكتائب لتطوير عملياتها ضد قوات الاحتلال و انطلق إلى منزلٍ يقع في حي الزيتون بمدينة غزة .



و بحسب مصادر مطلعة فقد تسلّم نضال الجزء الأول من الطائرة قبل فترة بسلامٍ من قِبَل مورّد للسلاح داخل فلسطين المحتلة عام 48 ، رغم الشكوك التي ساورت نضال حول مورد الطائرة نتيجة أحداث سابقة ، لكنه مضى بسيارته لفحصها و وصل إلى منزل في حي الزيتون و تصادف وجود مجموعتين من كتائب القسام في نفس المكان ، رفض نضال كلّ محاولات إخوانه السماح لهم بفحصها قبله لكن القائد أبى إلا فحصها بنفسه ، و بحسب مقربين منه فقد كان يجمَع قطع الطائرة وفقاً لإرشادات مرسِلها على الهاتف النقال الذي شدّد عليه أنه يجب عليه هو أن يقوم بتجميعها .. اطمأن نضال إلى الطائرة قليلاً و اقترب إخوانه المجاهدون منه ، فقد كانوا فرحين بها لدرجة أنها ألهتهم عن الإجراءات الوقائية المتبعة عادة في مثل هذه القضايا ، في هذه الأثناء كانت طائرة مراقبة صهيونية تجوب سماء المنطقة .



لحظات و حدث الانفجار بفعل عبوة ناسفة متطوّرة زرعت فيها يبدو أنها تلقّت إشارات من الطائرة و أودى الانفجار بحياة كلّ من القائد نضال فتحي فرحات من حي الشجاعية ، و القائد أكرم فهمي نصار من حي الزيتون ، و القائد أيمن إبراهيم مهنا من حي الشيخ رضوان من قادة كتائب القسام ، و محمد إسماعيل سلمي ، و مفيد عوض البل ، و إياد فرج شلدان و جميعهم من حي الزيتون .



مورد السلاح الذي ساعد في جريمة الاغتيال تعرفه قلة من قيادة كتائب القسام و بالتأكيد لن يفلِت من العقاب القسّامي و قبلهم عقاب من لا يغفل و لا ينام ، فقد اعتدى على أحد من جاهدوا لرفع لوائه و دينه و تحرير المقدسات الإسلامية .



و حمّل الرنتيسي العدو الصهيوني و وزير جيشه الإرهابي شاؤول موفاز مسئولية اغتيال القسّاميين الستة ، و انتقد أي لقاءات مع شارون تجري في هذه الأوقات ، مشدّداً أنه لا يجوز الالتقاء معه بينما يغتال أبناء شعبنا ليل نهار ، و مشدّداً أن حماس ستنتقم لدماء شهدائها . و أصدرت كتائب الشهيد عز الدين القسام بياناً نعت فيه كوكبة الشهداء الذين قضوا نحبهم غدراً في عملية اغتيال مدبّرة .



50 ألف فلسطيني شيّعوا المجاهدين


و شارك أكثر من 50 ألف فلسطيني بعد ظهر يوم الاثنين 17/2/2003 تقدّمهم أكثر من مائة مجاهدٍ من المسلحين من أبناء كتائب الشهيد عز الدين القسّام في مسيرة تشييع ستة من كوادر و أعضاء كتائب القسام .



و انطلقت عشرات الآلاف من الجماهير المحتشدة من الفلسطينيين في المسيرة من أمام مستشفى دار الشفاء بمدينة غزة و هم يحمِلون جثامين الشهداء الستة و في مقدّمتهم المئات من المسلحين الفلسطينيين و الشيخ المجاهد أحمد ياسين و الدكتور عبد العزيز الرنتيسى و الأستاذ إسماعيل هنية و عدد كبير من القادة العسكريين و السياسيين في الحركة ، و هم يحمِلون الرايات الخضراء و الأعلام الفلسطينية و شعارات حماس ، و توجّهت المسيرة باتجاه منازل الشهداء حيث ألقى ذووهم نظرة الوداع الأخيرة عليهم ، وسط صيحات الغضب المتوعّدة بالانتقام و الثأر للشهداء و دموع الحزن على فراقهم .

و أدى المشاركون صلاة الجنازة على أرواح الشهداء في المسجد العمرى الكبير بالمدينة ، و من ثم انطلق المشاركون باتجاه مقبرة الشيخ رضوان ، و هم يردّدون الهتافات المندّدة بالاحتلال و جرائمه البشعة ، فيما أطلق مئات المسلحين النار بكثافة في الهواء ، متوعّدين بالانتقام و تصعيد العمليات الاستشهادية في قلب الكيان الصهيوني .



و أكّد الدكتور الرنتيسى أحد قادة حركة حماس في كلمة له عقب مواراة الشهداء الثرى : "سنواصل تدمير الدبابات و ليتبنى من يتبنى" و بأن هذه الجماهير المحتشدة خرجت من بيوتها لتقول للمفاوضين لا للمفاوضات الهزلية نعم لاستمرار المقاومة و البندقية ، مؤكّداً أن المقاومة مستمرة و أن العمليات الاستشهادية و قصف المستوطنات بصواريخ القسام مستمر و لن يحول دون الوصول للأهداف الصهيونية حائل مهما كان .



و أكّد رفضه لما يقوله التلفزيون الفلسطيني من أكاذيب و تفاهات إن الشعب ملّ من الانتفاضة و أن الذين يفجّرون الدبابات و يطلِقون صواريخ القسام و الهاون هدفهم تدمير منازل المواطنين و أراضيهم ، مشدّداً على أن الشعب الفلسطيني رضيَ بخيار الاستشهاد و المقاومة و أنه يرفض كلّ أشكال الانهزام من مفاوضات و ما يسمّى بالسلام .



و دفن جثمان الشهيد القائد أيمن مهنا و القائد أكرم نصار و القائد فرحات في مقبرة الشهداء شرق المدينة بناءً على وصيتهم . و قدّمت مجموعات مسلحة من كتائب القسام عروضاً عسكرياً بعد إتمام إجراءات عملية الدفن ، وسط صيحات التهليل و التكبير من قبل جموع المشاركين و لم تطلق الرصاص حفظاً لها لميدان الجهاد و مقاومة الاحتلال