موشي بن عامي .. وحلمه في الرد القسامي ..الجزء الثاني

تحولت حياة موشي إلى جحيم جراء هذه الكوابيس التي تلاحقه .. لدرجة أنه أصبح يخاف من أن تغفل عيناه ولو لحظة واحدة

كان لابد من إيجاد أي حل لينجو بنفسه من هذه الدوامة التي ستودي به إلى الجنون الحتمي

هناك صراع داخلي بين موشي ونفسه .. فهو يشعر أنه ليس إنسان عادي بما له من قدر ومكانة وسط المجتمع الصهيوني ..كأحد أهم المحليين السياسيين .. وصاحب رأي يهتم بسماعه الكثير من القراء .. ولكنه الآن أصبح فريسة للقلق والتوتر بسبب شعوره بانعدام الأمن .. هذا الشعور الذي انتشر في أوساط المجتمع الصهيوني كالنار في الهشيم على اختلاف مستوياته .. واستشرى أكثر بعد اغتيال الشيخ أحمد ياسين

ومرة واحدة يلتفت موشي للهاتف وكأنه عثر على طوق النجاة الذي سيخلصه من حالته
وعلى الفور قام بإيصال سلك الهاتف ورفع السماعة وطلب الرقم

كان هناك صوت آلي يرد عليه قائلاً :
مركز العناية النفسية عبر الهاتف يرحب بك
إذا أردت استشارة لمشكلة عائلية .. اضغط على الرقم واحد
وإذا أردت استشارة لمشكلة عاطفية .. اضغط على الرقم اثنين
وإذا أردت استشارة خاصة .. اضغط على الرقم ثلاثة

كاد موشي يضغط على رقم ثلاثة لمعرفته أنه رقم المشاكل الخاصة
ولكن الرد الآلي تابع الحديث قائلاً :
جديد مركز العناية النفسية
يمكنك أن تضغط على الرقم أربعة إن كان لديك مشكلة تتعلق بعمليات حماس المرتقبة

ضغط موشي على الرقم أربعة وهو لا يصدق ما يسمعه
فتابع الرد الآلي قائلاً:
هذه الخدمة مشغولة الآن .. حاول في وقت لاحق

وضع موشي سماعة الهاتف بعد أن ازداد وجوماً .. ثم توجه للمطبخ ليعد لنفسه كوباً من القهوة التي أصبحت غذائه الرئيسي

انتهى موشي من إعداد قهوته بسرعة واتجه إلى أحد الكراسي في المنزل .. ثم أشعل سيجارة وفتح الراديو على إذاعته المفضلة يتابع البرنامج الصباحي المباشر كعادته

المذيع .. صباح الخير .. وعيد سعيد
نستضيف اليوم _مستر آفي بختر _ جنرال الاحتياط في جيش الدفاع
مستر آفي مرحباً ..هل لك أن تحدثنا عن نشاطات جيش الدفاع والتدابير التي اتخذتموها لمنع وقوع العمليات انتقاماً لاغتيال الشيخ ياسين

امتدت يد موشي بسرعة للراديو وقام برفع الصوت ليستمع للجنرال الذي قال :

لقد قمنا بإغلاق الضفة والقطاع إغلاق كامل ونشرنا وحداتنا الأمنية على اختلاف تشكيلاتها في جميع أنحاء الدولة .. خصوصاً الأماكن المتوقع أن يحدث فيها عمليات

المذيع مقاطعاً .. ولكن هل كنتم تتوقعون حدوث عملية في ميناء اسدود وهو من الأماكن الممنوع دخولها إلا بتصاريح معينة حتى على اليهود ؟

الجنرال .. لقد استخلصنا العبر من عملية اسدود .. وقمنا بتكثيف الحراسة وإجراء تغييرات أمنية على الميناء والمدينة

المذيع .. ماذا تقول للمواطن العادي الذي لا يشعر بالأمن ويلزم منزله ؟.. رغم أن هذا الشهر هو شهر الأعياد

الجنرال .. أقول له لا داعي للخوف ويمكنك أن تخرج من منزلك فالجيش والشرطة يعملون ليل نهار على حفظ الأمن …

ألقت كلمات الجنرال شيئاً من الراحة في نفس موشي .. فكم هو بحاجة لمثل هذه الكلمات

المذيع .. معي اتصال هاتفي من السيدة مريام من حيفا

صباح الخير .. كنت أريد أن أسأل الجنرال بعض الأسئلة
المذيع .. تفضلي

سمعت الجنرال قبل قليل وهو يتحدث عن الأمن والآمان .. ويطالب الجمهور بالخروج للشوارع وممارسة حياتهم الطبيعية .. فكيف نفعل هذا وحواجز التفتيش تعيق حركة المرور .. وكذلك العدد الكبير من أفراد الجيش والشرطة المنتشرة في جميع أنحاء الدولة توحي بأننا مقبلين على حرب
ألا ترى أن هذه المظاهر تزيد من التوتر و تُشعر المواطنين بعدم الشعور بالأمن والأمان؟

الجنرال مقاطعاً .. ولم لا تنظر إليها على أنها عامل مساعد للشعور بالأمن أكثر .. أنصحك يا سيدتي بأن تخرجي من المنزل وتمارسي حياتك بصورة طبيعية

المتصلة .. ربما أفعل لو منحتموني حراسة مكثفة كالتي منحتموها لرئيس الحكومة وبقية الوزراء .. وحتى يحدث هذا سأبقى في البيت .. أو أرى شارون وأفراد حكومته يتحركون بحرسهم العادي

أغلق موشي الراديو وهو يسب ويلعن المتصلة الأخيرة قائلاً في نفسه :
محت تلك اللعينة بكلماتها المسمومة ما أحدثته كلمات الجنرال من ارتياح

ومازال هناك بقية