بمناسبة رحيل الشاعر يحيى ىبرزق كتب ابنه

عشرون عاماً على انطلاقة "حماس".. ورحيل أبي!!

مخلص يحيى برزق
14/1/2008م

لم أكن متحمساً للرد على ذلك الجهاز المزعج وهو يصرخ بي وينادي بإلحاح شديد كي أرد على مكالمة بدت عاجلة وهامة.. اضطررت إلى القيام من مقعدي المواجه لشاشة فضائية الأقصى الفتية التي أوقعتنا في عشقها من أول نظرة!! وبمجرد رؤية اسم المتصل اطمأنت نفسي إلى أنه ممن أستطيع الاعتذار إليهم للعودة إلى صفوف المتابعين بشغف وعزة وفخر وإجلال وقائع المهرجان التاريخي لذكرى انطلاقة حركة المقاومة الإسلامية حماس العشرين والذي احتضنته أرض غزة الحبيبة الصابرة المصابرة..
إنه أخي وصديقي الشاعر سمير عطية الذي شغلني طويلاً.. بأبي!! ولي أن أسجل هنا أنه من القلائل الذين أبدوا اهتماماً غير عادي بشعر والدي وترجم اهتمامه ذلك بشكل عملي من خلال قيامه بكتابة العديد من المقالات النقدية لقصائده والعمل على التذكير بما كتبه الوالد –رحمه الله- مع كل مناسبة يصادف وجود قصيدة له عنها كوعد بلفور أو ذكرى النكبة أو المناسبات الإسلامية المختلفة..
سألني باهتمام بالغ: ألن تكتب عن والدك شيئاً في ذكراه العشرين التي تحل علينا بعد تمام الشهر من الآن؟
سيطرت عليَّ للوهلة الأولى مشاعر مختلطة بين الدهشة النابعة من عدم انتباهي المسبق إلى مرور عشرين عاماً على رحيل أبي الحبيب وغيابه عن ناظري والاستغراب من ذلك التوافق العجيب بين مناسبتين لهما في نفسي أبلغ الأثر وبين الغبطة بذلك التزامن التاريخي الذي من شأنه أن يربط المناسبتين بعضهما ببعض..
لم أتأخر في الرد سريعاً عليه بلهجة المعاتب: سامحك الله فقد شغلتني بأبي عن أمي ورسول الله صلى الله عليه وسلم أوصانا بها ثلاثاً قبل الأب!!
وقبل أن يبادرني بسؤال واستفسار أو استيضاح عن كلامي غير المفهوم له والذي اعتاد على سماعه مني في مواقف كثيرة تملصت فيها بصعوبة بالغة من المضي قدماً في أعمال وخطط ومشاريع أدبية وثقافية أبدى رغبته لي بمشاركته فيها.. أردفت قائلاً: يا أخي يكفينا الاحتفاء والاحتفال بميلاد أمنا الحبيبة الغالية، حركتنا الحانية الباسلة، حماسنا المظفرة الأبية، أمل أمتنا الإسلامية وعنوان نهضتنا المتوهجة بالدماء الزكية، رائدة العمليات الاستشهادية وما تلاها من إبداعات جهادية في تصنيع الصواريخ القسامية وحفر أنفاق الجحيم لقوات الاحتلال الصهيونية، أمّ الخنساوات والرجال الأتقياء الأنقياء الأصفياء، أمّ الآلاف من الأسرى والجرحى والشهداء، وريثة الشهيد القسام وراية التوحيد الخضراء، قاهرة المتخاذلين والعملاء، الكلمة الطيبة التي أصلها ثابت راسخ في الأرض وفرعها ممتد باسق في السماء.
عدت بعد المكالمة لمتابعة مهرجان حماس إلا أنني لم أعد منفرداً فقد شعرت بطيف والدي معي يرقب مشاهد العزة والرجولة والهامات العالية التي تجسدت في قيادة تلك الحركة المباركة وجنود القسام الأشاوس، الأسود الرابضة لحراسة طهر غزة وعفافها من دنس الاحتلال المجرم وقذارة أذنابه الأنجاس. شعرت به سعيداً منتشياً بتحقق رؤيته التي بشر بها قبل أكثر من عشرين عاماً في قصيدة له بعنوان "رسالة إلى غزة" جاء فيها:
أُمَّاهُ غَزَّةُ..
كَمْ أَحِنُّ إِلَيْكِ يَا أُمَّاهُ مُذْ عَزَّ اللِّقَاءْ
وَأُحِسُّ أَنِّي لَنْ أَرَاكِ..
فَيَسْتَبِدَّ بِيَ.. العَنَاءْ
لَكِنَّنِي مَازِلْتُ أَسْمَعُ مِنْ بَعِيدٍ فِيكِ
ثَرْثَرَةَ النِّسَاءْ..
فِي غَزَّةٍ يَوْماً سَيُوْلَدُ
فَارِسٌ يَحْمِي النِّسَاءْ
مِنْ بَعْدِ مَا أَضْحَى رِجَالُ الأَمْسِ
وَيْحَهُمُ نِسَاءْ!!
يَتَدَافَعُونَ عَلَى الوُعُودِ..
وَيَرْكَعُونَ مَعَ المَسَاءْ!
وَلَسَوْفَ يَنْدَحِرُ الجَرَادُ..
وَسَوْفَ تَبْتَسِمُ السَّمَاءْ!!
وحق له أن يسعد بحماس ورجالها وهو الذي غنى لها وأنشد وهي في مهدها عندما تشكلت نواة هامة لها خارج فلسطين ممثلة في الرابطة الإسلامية لطلبة فلسطين بجامعة الكويت التي كانت إحدى العناوين التي أشرف على إنشائها كبار قادة حماس وعلى رأسهم القائد المجاهد خالد مشعل.
كان والدي قد خاض تجارب مع الكثير من الفصائل الفلسطينية انتهت بقطيعة معها وقناعة أورثها لنا بأن علينا ألا ننخرط في أي منها أو أن "نتلوث" بالانتماء إليها، ولم يكن ليخفى على مثله توجهات الرابطة الإسلامية وخلفياتها الفكرية والمشروع الذي تحمله في طياتها والذي رفعت شعاراً له "نحو بناء متكامل لجيل الجهاد والتحرير".
لم يقف يومها عند غض الطرف عن انتساب ابنته فيها وتشجيعي على حضور أنشطتها وفعالياتها والمشاركة في الإعداد لها بل تعدى ذلك إلى تلبية الدعوات لإلقاء قصائده في أمسياتها ومهرجاناتها ومخيماتها الربيعية.
شعرت بأن الأمل عاد إليه مجدداً فكان حريصاً أن يكون له سهم في رعاية ذلك الأمل المتمثل في تلك الرابطة وتفتقت قريحته الشعرية عن قصائد وأناشيد خصّها بها كان منها "نشيد الرابطة" التي يتضح لكل من يتمعن في كلماتها أنها تنطبق تماماً على حركة جهادية تقارع المحتل وتسعى لاسترداد المقدسات وليس مجرد رابطة طلابية بسيطة!!
كان حريصاً أن يبثها كل المعاني الجهادية ويحذرها من المزالق والفتن فنظم لها قصيدة "أمتي يا أمة القرآن ثوري" وقصيدة "يا دعاة الصلح إنا الف لا" ونشيدة "تقدمي" و"قسم" و"نفير الجهاد" و"باسمك اللهم" و"صرخة" و"نداء العقيدة" و"نشيد يا جند الله" و"طريقنا جهاد" وإن انس فلا أنسى قصيدة "راية الإسلام" بمطلعها راية الإسلام يا خضراء عودي وانشري هديك في رحب الوجود..
فمازلت أذكر سؤاله لي وهو على فراش المرض في أيامه الأخيرة: هل نشرت قصيدة "راية الإسلام"؟ وأبدى انزعاجاً كبيراً لعدم نشرها وحثني على عدم إهمالها والإسراع في تقديمها لقرائه ومحبيه..
أتراه عرف أن تلك الراية هي التي سترفعها حركة حماس عالية خفاقة فوق ربوع أرضنا المباركة؟
أتراه علم بميلاد حركة حماس في الرابع عشر من كانون أول عام 1987م فأراد أن يقدم قصيدته تلك بديلاً عن استمارة العضوية فيها ليحظى بشرف الانتماء لها ثم يرحل هانئاً مطمئناً "حمساويا" في الرابع عشر من كانون ثاني عام 1988.

مقال رائع من اخ رائع وكريم
الله يحميه
والله يرحم الشاعر يحيى برزق
تسلم اخي المهندس على الموضوع الحلو

كل الشكر لمرورك اخوي الطائر الحزين

مشكوور ع الطرح اخوي المهندس
في انتظار جديدك
اختك في الله الامل
سلاااااااامو

مشكوره للمرور اختي الأمل

مشكور أخوي على النقل الموفق ،،

تسلم على المرور اخوووي فارس الاقصى

اللع يسلمك أخوي المهندس ،،

و نسأل الله أن يرحم الوالد و ابنه ،، :ورده:

امين يا رب يدعي

و مشكور على المرور

شكور اخي المهندس و تحياتنا للعم مخلص

ان شاء الله و مشكور للمرور