لن نكتب إليكم و لن نراسلكم

لن نكتب إليكم ولن نراسلكم

رسائل كثيرة قمنا بكتابتها أملاً أن تصل الى من يستحق، واعتقادا منا أنها موجهة الى أناس يستحقونها ويقدرونها، لأشخاص تعنيهم امورنا ويهتمون بمطالبنا وإحتياجاتنا... رسائل بالآلاف من ألاف الأشخاص المقهورين... من الشهداء مع وقف التنفيذ... من المنسيين في غياهب السجون جميعها كتبت كما قالها الكثيرون بدم وآلام وعذابات من اعتقدوا أن هناك من يسمعهم ويقرأ كلماتهم ويهتم لصرخات آلامهم.

تنوعت مطالبنا وتعددت أفكارنا.... وتشكلت أراء جديدة وأحلام وتخيلات.... طالبنا بوقف كل ما يسيء لقيمنا ومبادئنا... وقف القتال والاقتتال... وقف الفساد والمفسدين ووقف التنازلات والمتخاذلين... طالبنا بحكومة وحدة وباتفاق اخوة... أصدرنا وثيقة هزت الدنيا وأدت إلى ما هو الأمل واستطاعت أن تجمع الاخوة وجعلتهم يتفقون.. يتشاورون ويتحاورون حتى كان المبتغى اتفاق مكة... او اتفاق حكومة الوحدة او سموه كما شئتم، فالهدف كان ابعد من كراسيكم والامل كان وقف قتل الابرياء وهدم البيوت... قتل الاطفال والنساء والشيوخ.. الامل كان من أجل مستقبل مشرق ومزهر ومن أجل وطن القدس.... الأمل كان وقف تدمير القضية الفلسطينية وعدم تحويلها الى قضية كراسي ووزارات... الامل كان إعادة قضيتنا الى ما كانت عليه.

نعم أحلامنا تجاوزت الحدود وأفكارنا وتخيلاتنا كانت وللأسف في غير موقعها... نأسف لكم ونقدم لكم اعتذارنا، فقد اعتقدنا لوهلة ما ان كلمتنا مسموعة وافكارنا مقبولة واعتقدنا اننا نفعل الصواب ونطالب بما هو حق لنا... وندعو إلى وقف تدمير وهدم كل ما بنيناه... كل ما قدمنا من اجله الغالي الذي نملكه.... ارواحنا... زهرات شبابنا.... اجمل سنوات عمرنا.... اعتقدنا ان هناك من يستحق ان يسمعنا....ان هناك من لا تعنيه المصلحة الشخصية ومن لا تعنيه المناصب والكراسي حاولنا وتعالينا على جراحنا أملا منا بأن هناك من يريد لنا ولقضيتنا الأفضل، ولكن للأسف فقد ظهر المتخفي وبان المستور وظهر ما تحت الجلود وتبدلت الوجوه.

نعم كتبنا ألاف الرسائل وطلبنا ألاف المطالب، بعثنا لكم عن أحلامنا وعن أمالنا... أوصيناكم بأهلنا وعائلاتنا وأطفالنا.... ماذا كانت النتيجة ؟؟؟... لا شيء !!! أهالينا - لاسامحكم الله - أصبحوا متسولين ومكسوري الخاطر.. دستم على مشاعرهم وكبريائهم.... حاولتم التفريق بينهم... فجعلتموهم يشعرون بأن هناك أسرى أمراء واسرى عبيد... نعم فرقتم بين الاسرى وبين اهاليهم !

لا نريد أن نحدثكم عن معاناتنا وعن عذاباتنا ولا عن حياتنا... لاننا اقتنعنا وتأكدنا بأنها لا تعنيكم وأننا إن بعثنا رسالة واحدة فإنكم تحاولون استغلالها للوصول إلى هدف معين... لا نريد ان نراسلكم لاننا نعلم أن اغلب رسائلنا ذهبت الى سلة المهملات.... وما بقي منها ذهب الى سلة الابتزازات والاستغلالات...لا نريد أن نراسكم... لان همكم وهدفكم أصبح واضحا لنا فلم نعد أولئك الاسرى ألسذج والبسطاء... ولم يعد يعني المال أي شيء... مالهم أصبح اكثر بكثير... والأمل اصبح ضئيل فنحن نعلم اننا اصبحنا مجرد شعارات تستغلونها، وقضية تحاولون بكل ما ملكت أياديكم تدميرها لهذا سنقولها بكل صراحة ووضوح.. بكل ما نملك من قوة وعزيمة أسفنا ليس على أوضاعنا، ليس على أهالينا، اسفنا ليس على أنفسنا... أسفنا على قضيتنا... على فلسطين وطننا... أسفنا على اولئك الذين باعوا ضمائرهم من أجل كرسي...أسفنا على من حاول استغلال اسمنا والرقص على جراحنا... أسفنا على بعض من كنا نعتقد أنهم أملنا... أسفنا على حركاتنا وفصائلنا... أسفنا على ما آلت اليه أوضاعنا... أسفنا على أرواح شهدائنا... أسفنا على من يسقطون كل يوم ضحية لجشع وطمع البعض منكم.. أسفنا ليس على أهالينا.... فنحن نعلم أنه سيأتي يوم تقوم فيه الدنيا ولا تقعد وتنقلب الموازين، أسفنا ليس على مخصصاتنا وكانتيناتنا فالمال يأتي ويذهب والجوع تعودنا عليه، انما أسفنا على من يطعم أولاده ونساءه من دماء غيره... ومن يسرق لقمة غيره لكي يأكلها هو وعائلته أسفنا ليس على الأيام التي نقضيها والآلام التي نعانيها... وإنما أسفنا على أشخاص باعوا ضمائرهم ومبادئهم.... أسفنا على حبر أضعناه وأوراقا ورسائلا بالآلاف كتبناها.... اسفنا على وقت أهدرناه وساعات سهرناها ونحن نكتب... أسفنا على أحلام وأفكار وأماني كان من المستحيل تحقيقها... لن نراسلكم... لكننا سنقول لكم ما قاله الشاعر نزار قباني :-

قتلناك.... ليس جديدا علينا..... اغتيال الصحابة والأولياء... فكم من رسول قتلنا وكم من أمام ذبحناه وهو يصلي صلاة العشاء... فتاريخنا كله محنٌ وأيامنا كلها كربلاء.





بقلم الاسير مسلمة ثابت في سجن أيشل بئر السبع

المصدر : شبكة الاخبار الفلسطينيه



م . ن . ق . و . ش